البديل
أحمد بان
مساكن محدودي الدخل فى أنجولا
أثارت صور تم تداولها عن شقق محدودي الدخل فى أنجولا، إحدى دول إفريقيا الفقيرة، حزن المصريين على مستواها مقارنة بمساكن محدودي الدخل، التى بنتها الحكومات المتعاقبة فى بلادنا. المقارنة بين أنجولا ومصر تبدو متعسفة بالنظر إلى حداثة الدولة فى أنجولا التى لم تعرف الدستور سوى فى العام 1975، ولم تعرف التعددية الحزبية سوى في العام 1992، ولا تتوفر على ثروات طبيعية أو غيرها، حتى سكانها لايتجاوزون الستة ملايين و70%، منهم تحت خط الفقر يتوزعون بين 55 % كاثوليك و10% بروتستانت 25 % طوائف مسيحية أخرى.

ورغم كل ظروف هذا البلد الفقير الذي لم يعرف فكرة الدستور والتعددية الحزبية سوى فى السنوات الأخيرة، ولا يتوفر على إثنية واحدة أو تجانس عرقي، وقد ضربته الحرب الأهلية، إلا أنه عندما تبني فيه الحكومة مساكن للفقراء، فإنها تحاول تحقيق الحد الأدنى اللائق بالبشر فى مساحة خضراء ومبنى لايخلو من جمال على بساطته، أما حكوماتنا المتعاقبة فتتعامل مع الفقراء باعتبارهم عورة تستلزم الستر، خلف جدران من الطوب الأحمر أقرب إلى زنازين تحتجز فيها معارضيها.

لايفارق ذهني هذا المشهد للرئيس وهو يفتتح بعض المشروعات فى مدينة 6 أكتوبر، وهو يقول إن وزير الإسكان أعلمه بسعر المتر للإسكان المتوسط، فطلب منه أن يزيد السعر، فقال له الوزير إن الإعلام لن يتركه، فقال له ارفع السعر وسأدافع عنك لكي نستطيع أن نبني بالفوائض مساكن لمحدودي الدخل، الغريب أن الوزير أبدى انزعاجه من هجوم الإعلام باعتباره ربما الأداة الباقية فى بعض منابره على الأقل تنحاز للناس ومصالحهم، لم يبد الوزير انزعاجه من البرلمان ومساءلته عن سعر المتر لا بأس، ويبدو أن الوزير مدرك أنه ليس ليدنا برلمان حقيقي، ولأن كثير من الحقائق تتوه فى ظل غياب الأرقام، قررت أن أتحرى الأمر من مظانه، فسألت المتخصصين داخل أجهزة المدن الجديدة، التي تطرح فيها فى الغالب تلك المساكن.

حدد سعر المتر بمبلغ 4500 جنيه للمساكن المتوسطة التى من المفترض أن تشغلها الطبقة المتوسطة التى يفترض أنها بحاجة على الأقل أن تحصل على حقها فى هذا البلد دون أن تتربح الدولة من ورائها، قد لا تستحق الدعم لكنها تدفع الضرائب التى لايدفعها أباطرة الفساد ومحاسيب الرأسمالية المصرية، لاتريد دعما نعم وليبقى الدعم لمن يحتاجه، لكن بشرط أن يصل لمن يستحقه.

المتر بهذا السعر يطرح شاملا المرافق والبناء والتشطيب، فهل هذا السعر عادل؟ بسؤال المختصين، تبين أن سعر المتر مرفقا أي كامل المرافق التى تشمل شق الطرق والكهرباء والمياه والصرف والتليفون والمساحات الخضراء إضافة إلى المبنى منه والكامل التشطيب لا تتجاوز 1100 جنيه، فكيف يعتبر الرئيس مبلغ 4500 جنيه مبلغا قليلا؟ ألا يكفى نسبة ربح 250 % تدفعه الطبقة الوسطى؟ وبأي معيار تحدد الأسعار؟، وما مستوى الشفافية فى تحديدها؟، وأين تذهب تلك الفوائض؟، هل إلى صندوق الإسكان الاجتماعى؟ وهل يعطى الصندوق المساكن المخفضة التى تم بناؤها مجانا ؟ خصوصا أن الحكومة بهذا السعر وتلك الفوائض لن تتكلف قرشا من ميزانيتها لبناء تلك الوحدات، ومع ذلك يطالب الرئيس بزيادة جديدة، وهل هذه الأموال تكفي لبناء مساكن تشبه مساكن أنجولا؟ أم ربما تكون أفضل، مقارنة بالأموال المتاحة والمخصصة لها، يبقى سؤال إذا كان الناس فى بلادنا أو الشرائح الأوسع قد استقالت من ممارسة السياسة أو الثورة حتى، فمن حق هذه الشرائح المستكينة المطيعة أن تحظى بمساكن لائقة حتى لو كانت كمساكن أنجولا، فرط هؤلاء فى حقوقهم السياسية التى سجن من أجلها آخرون، أليس من حقهم أن ينعموا بضريبة الصمت حتى؟، فلا يسرق البعض صدقة الطبقة المتوسطة عليهم التى لانعرف ماذا تفعل بها الحكومة دون خجل.

كفاكم استخفافا بنا !! نحن لم نسأل عن الأموال المهربة ولا عن طرق استعادتها، ولا عن الفساد الذى يزكم الأنوف فقط نسأل عن أراضى صحراوية لا تتكلف كل هذه الأموال، التى تجعل سعر البناء فى مصر التى لايعيش سكانها سوى على 7 % من مساحتها أغلى من بعض عواصم أوروبا، كلوا من أموالنا لكن بالمعروف حتى لو كنتم تأكلون أموال يتامى لاحيلة لهم .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف