البديل
جمال الجمل
انت البطل الحقيقي.. اكتب تاريخك
تنويه مهم:
المقال تحية إعجاب ودعوة للمشاركة في مبادرة Real Gods of Egypt

12071762_961130090648962_710648188_n

(1)
تابعت باهتمام وإعجاب الحملة الإعلامية التي نفذتها “البديل” تحت عنوان “مصر الحقيقية”، وقد علمت من الصديق المهذب محمد الصبان حفيد العلامة الصوفي أبو العرفان الشيخ محمد بن علي الصبان الشافعي، أنه فكر في هذه الحملة لتصحيح الصورة المغلوطة عن المصريين في السينما العالمية، وفي وسائل الإعلام عامة، فقد تابع أخبار فيلم جديد تنتجه أميركا وأستراليا عن تاريخ مصر القديمة بعنوان “Gods of Egypt” (آلهة مصر)، والمقصود بكلمة الآلهة ليس المدلول الديني، بل الأبطال الأسطوريين، والشخصيات الخارقة في تاريخ الفراعنة، حيث شارك في أحداث الفيلم شخصيات فنية خيالية بأسماء مخترعة مثل: زايا، وفيندور، وبيك، كما شارك أبطال تاريخيين وملوك وآلهة الأساطير المصرية القديمة مثل: إيزيس، وأوزيريس، وست، وحورس، وحتحور، ونفتيس، وتوت، وعشرات الكهنة، وشخصيات درامية متنوعة.

(2)
المؤسف أن الفيلم الذي وصلت ميزانية إنتاجه الضخم إلى 140 مليون دولار، لم يهتم بالتدقيق التاريخي للأحداث والشخصيات، على الرغم من أن مخرجه “الكسندر بروياس” مولود في مصر عام 1963 لأبوين يونانيين، وهاجرت عائلته بعد ولادته بسنوات قليلة إلى أستراليا، وعلى الرغم أيضاً من أن أحد كاتبي السيناريو (بروك شاربليس) مختصا بالتاريخ، ومغرما بأفلام الفانتازيا والمغامرات مثل: دراكولا، ومغامرو القوة (Power Rangers)، والطريف أن والده هو بروفيسور التاريخ ومرشح الكونجرس عن ولاية سكونسن “جون شاربليس”، إلا أن الفيلم في صورته النهائية ظهر مخيبا للتوقعات، فقد أخفق في تصويره ملامح الحياة الفرعونية، والسمات المعمارية والدينية لحضارة تلك الفترة، بل أهمل مراعاة لون البشرة البرونزي المميز، الذي اخترعت هوليود له “اسبراي” خاص باسم مصر، كما تساهل فريق المكياج في منح الممثلين السحنة الفرعونية المميزة، والتي اشتهرت في العالم كله من خلال التماثيل واللوحات الرائعة.

(3)
لم تقف “البديل” من هذا التشويه الحضاري والإنساني موقف المتفرج، ولم تبرىء ذمتها بمقال نقدي، أو تقرير خبري يعدد الأخطاء التي وقع فيها صناع فيلم “Gods of Egypt”، لكنها فعلت ذلك، ثم خططت لحملتها الرائدة “Real Gods of Egypt”.. (أبطال مصر الحقيقيين)، واستبقت عرض الفيلم في نهاية فبراير الماضي، بحملة قدمت من خلالها نماذج لمساهمات الشباب والفتيات في تحسين الحياة، وتقديم إسهام مميز على مدار تاريخ مصر، مع التركيز على الحاضر.

(4)
بعد أن تناقلت وكالات الأنباء الملاحظات النقدية عن صورة المصريين في الفيلم اضطر فريق العمل للاعتذار، متعللاً بأن الفيلم خيالي، ويهتم بطابع الإثارة والمغامرة أكثر من كونه فيلما تاريخياً، لكن الحملة لم تتوقف، وتطورت إلى آفاق أهم، منها البحث عن ثقافة الأمل في المجتمع، وتقديم النماذج الإيجابية التي لا تعترف بالعقبات والمشاكل، ولا تكتفي بالبكاء على اللبن المسكوب، وتضخيم الأزمات كمبرر لعدم الإنجاز.

(5)
تصورت في البداية أن الحملة تهتم فقط بتصحيح ما أسماه المفكر الأمريكي والتر ليبمان “الصورة النمطية”، حيث تكرس السينما الأمريكية صورة الروسي كجاسوس، وصورة العربي كبدوي جلف، يركب الجمال، ويغتصب النساء، ويعيش رحالاً في الصحراء، وهي الصورة التي انتقدها كتاب كُثر في العالم، بينهم جاك شاهين الذي حاول تصحيح صورة الشخصيات العربية في السينما العالمية، لكن حملة “البديل” لم تكرر جهود السابقين، وقفزت إلى نقطة أبعد، أعتبرها مقدمة جيدة تحتاج إلى جهود دؤوبة ومستمرة لكتابة التاريخ الشعبي بدلا من التركيز على التاريخ الرسمي، وشخصيات الحكام وكبار المسؤولين، ونجحت الحملة في تقديم قصص عشرات الشخصيات الناجحة والمثمرة في حياة الناس.

(6)
من المؤكد أن لدى كل منكم قصة تستحق أن يحكيها، ويكتبها، ويقدم صاحبها للناس، فاكتبوا عن بطولاتكم اليومية.. عن الأبطال العاديين الذين نعيش بينهم ونلمس خدماتهم للمجتمع، والذين يظلمهم مؤرخو الحكام وأبواق الإعلام الرسمي، اكتبوا التاريخ الحقيقي الذي يجب أن نرويه لأولادنا ونقدمه للعالم كله.

(7)
شكرا لـ”البديل”.. لأنها قدمت “البديل” ولم تقف تحت حائط المبكى تلطم الخدود أو تكتفي بالتعليقات السهلة المجانية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف