أصبح في حكم المؤكد أن هناك تغييرا وزاريا وشيكا ربما شمل عشر حقائب أو أكثر أو أقل.. التغيير في حد ذاته ليس مهما. المهم هو طريقة الاختيار. فإذا جرت وفق الأسس القديمة والتقليدية والمتوارثة. فلا أمل في مستقبل هذا البلد.
الأسس القديمة والتقليدية والمتوارثة تحصر الاختيار في دوائر ضيقة من المقربين إلي النظام أو المشتاقين الذين يعملون عجين الفلاحة حتي يلفتوا أنظار المسئولين إليهم. وفي كل الأحوال فإن الاختيار يقع علي من يرضي عنهم الأمن. وهم أولئك الذين يسمعون الكلام ويقولون حاضر ونعم. وليس مهما أن يكون لديهم خبرات وأفكار وخطط للنهوض بوزاراتهم.. والنتيجة كما نري.. مصر أحسن بلد في العالم.
أعرف شابا مثل فرقع لوز.. يخلو من أي موهبة ولا يجيد سوي التنطيط والنفاق ويعرف من أين تؤكل الكتف. فوجئت بأحد المسئولين الكبار يحدثني عنه ويقول إنه كان يتمني أن يعينه في منصب كبير بالوزارة التي يعمل بها. لكنه اصطدم باللوائح والقوانين حيث اكتشف أنه موظف درجة أولي. وأنا صدمت في هذا المسئول!!
لو اتسعت دائرة اختيار الوزراء وركنت الأجهزة الأمنية علي جنب. أو لو لم تكن كلمتها هي العليا. لو بحثنا عن شخصيات قوية ممتلئة ومتمتعة بصحة نفسية وفكرية تمكنها من أن تقول للرئيس نفسه "لا". لتأكدنا أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح. وغير ذلك يفتح الله.
الشخصية القوية التي تستطيع أن تقول للرئيس نفسه "لا". هي أكبر عون له علي النهوض بالبلاد. ليس شرطا أن يكون الرئيس. أي رئيس. ملما وعارفا بالقضايا والملفات كافة ولديه حل لكل مشكلة. لم يخبرنا التاريخ بوجود رئيس أو ملك أو إمبراطور يعرف وحده كل شيء واستطاع النهوض ببلاده دون وجود معاونين أكفاء حريصين علي مستقبل بلادهم أكثر من حرصهم علي مناصبهم. هؤلاء يقولون الحق حتي لو علي رقابهم. كلمة كله تمام يا أفندم ليست في قاموسهم. لو طرح الرئيس فكرة أو مشروعا أو قانونا يعلمون أنه خطأ. يعترضون عليه ويراجعونه فيه. ورزقهم علي الله.. من يحب بلده ورئيسه يقول "لا" عندما تكون ضرورية وواجبة.. ولا أقصد "لا" عمال علي بطال.
والرئيس. أي رئيس. ينجح في مهمته. وربما يصبح معبودا لشعبه. إذا أحاط نفسه بمثل هذه الشخصيات القوية المفكرة الممتلئة التي تضيف إلي رصيده ولا تخصم منه. وتضيف إلي بلادها أولا وقبل أي شيء.
المسألة ليست "كيميا". وإذا أراد أي رئيس أن ينجح فلابد أن يدرك أنه مهما أوتي من عبقرية. أو تصور نفسه كذلك. فلن يستطيع وحده إدارة بلده. خاصة إذا كان بلدا كبيرا ويمر بظروف صعبة. لن يستطيع إلا إذا كان معه معاونون أكفاء يختارهم بعناية وموضوعية من دائرة واسعة لا يرسم الأمن وحده حدودها. فإذا اتسعت الدائرة فربما وقع الرئيس في حيرة من كثرة الكفاءات الوطنية المخلصة التي يمكنها النهوض بالعالم كله.. أما إذا ضاقت وسار الأمر علي قديمه فسنقع نحن في حيرة ونتساءل لماذا يتقدم العالم من حولنا بينما نتخلف نحن.. مع اننا نستطيع التقدم وبسرعة الصاروخ.. نستطيع والله لو فكرنا مره واحدة بموضوعية وتجرد.. لكن تقول لمين.. بكره نشوف!!