المساء
محى السمرى
مستقبل مصر بين مارشال وشرم الشيخ
في صيف عام 1975 سافرت إلي "بون" عاصمة ألمانيا الاتحادية في ذلك الوقت ضمن الوفد الصحفي الذي صحب المرحوم إسماعيل فهمي وزير الخارجية وأعضاء الوفد في اللجنة المصرية الألمانية.. وكان هذا أول اجتماع لها لبحث أوجه التعاون الاقتصادي مع ألمانيا.. وهذه كانت واحدة من اللجان التي قرر الرئيس الراحل أنور السادات تشكيلها للتعاون الاقتصادي بين مصر وبعض دول العالم الصديقة.
كانت مصر قد خرجت لتوها من حرب أكتوبر ..1973 والمشاكل الاقتصادية تحيطها من كل جانب والناس يعانون من مرارة الفقر والحرمان وتحاصرهم الاختناقات في معظم ان لم يكن في كل المواد الغذائية طبعا كان وذلك بسبب الحروب التي خاضتها مصر بعد سنوات قليلة من قيام ثورة 23 يوليو .1952
فكر الرئيس الراحل السادات في ايجاد أي اسلوب ينقذ البلاد من تفاقم المشاكل الاقتصادية.. فكر أولاً في عقد مؤتمر اقتصادي علي نسق مشروع مارشال الذي وافقت عليه الولايات المتحدة الأمريكية لانقاذ أوروبا من البؤس الاقتصادي نتيجة اندلاع الحرب العالمية الثانية.. ويبدو أن هذا التفكير لم يكن له صدي.. ففكر في اسلوب آخر فأعلن عن تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي كما استجابت له علي الفور الولايات المتحدة الأمريكية.. وخلال عام 1975 تدفقت علي مصر من أمريكا وحدها 2.7 مليار دولار لإقامة مشروعات أمريكية في مصر.. كما استجابت أيضا علي الفور وهو أمر متوقع المملكة العربية السعودية والكويت وبلغ حجم الاستثمارات منهما نحو 9 ملايين دولار خلال الفترة من عام 1975 حتي عام .1978
وتفتق ذهن الرئيس الراحل عن مشروع آخر يحل محل مشروع مارشال وهو تكوين اللجان الاقتصادية المشتركة بين مصر ودول العالم وهكذا كان عام 1975 من القرن الماضي مهما بالنسبة للمصريين حيث شعروا بالفعل أن الأزمات الاقتصادية بدأت تنحسر وظهرت في الأسواق منتجات كثيرة لم يكن الشعب يعرفها من قبل.. وبدأت أيضا مع هذا العام دراسة إصلاح المرافق المنهارة حيث لم يكن هناك أي إصلاح أو صيانة في جميع المرافق من تليفونات إلي شوارع وصرف صحي ومياه وكهرباء.. كل هذه المرافق كانت شبه مفقودة وبالفعل شرعت شركات عالمية ومحلية في تجديد كل هذه الشبكات.. ومع نهاية حكم الرئيس السادات في عام ..1981 لم يكن في مصر عاطل واحد وهذا ما أكدته الصحف الصادرة في الربع الاخير من عام .1981
المهم أردت ان أروي بعضا من هذه الوقائع التاريخية عن فترة مهمة من تاريخنا الحديث وذلك بمناسبة انعقاد المؤتمر الاقتصادي العالمي الذي يحمل شعار مستقبل مصر.. وفي رأيي أن هذا المؤتمر لا يقل أهمية عن مشروع مارشال الذي انقذ أوروبا من المشاكل الاقتصادية ورفعها إلي أعلي المستويات.
بصراحة أقول إن الرئيس عبدالفتاح السيسي كان بعيد النظر عندما دعا إلي هذا المؤتمر لأن مصر بكل المقاييس في حاجة عاجلة إلي إصلاح اقتصادي طموح.. بعد أن غاب هذا الإصلاح سنوات طويلة.. ولذلك وما رأيناه من حماس بعض المشاركين فيه سواء من الأجانب أو العرب أو المصريين.. فإنني اعتقد أن المصريين سيشعرون بتحسن اقتصادي سريع وليس كما يقول البعض أن هذا التحسن قد يستغرق بعض الوقت حتي تتم الدراسة ولهذا اقول أيضا ان هذه المشروعات في معظمها سهلة دراستها لانها تمس الواقع المصري ولكن هناك بعض التأكيدات التي يريدها أي مستثمر.. مثل ثبات اسعار العملات وان يكون تحركها في أضيق الحدود والا تكون هناك أزمات في العملة الاجنبية وان يكون هناك وضوح في أساليب التعامل بما في ذلك الضرائب وفوق هذا وذاك ان تحترم الحكومة كل العقود المبرمة والتي يجب مراجعتها بدقة وبوضوح تام قبل التوقيع عليها.. وحتي لا تتكرر المآسي التي حدثت في ظل حكم الرئيس الاسبق حسني مبارك نتيجة التلاعب في بنود العقود وكانت النتيجة صدور أحكام قاسية ضد مصر.. ودفعنا فيها ملايين الدولارات تعويضات.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف