كمال الهلباوى
تنظيمات من شباب الإخوان تقود الصراع مع قيادات الجماعة
>>مجموعة تقدس التنظيم ومنهم عبد الرحمن عز والمغير
>>قسم يصارع التنظيميين على القيادة وكشف عنهم أحمد عبدالرحمن
>>هناك جناح داعشى للإخوان والتيار الإسلامى عموما
تلك القيادات الاخوانية الكارثية ومن معها أو من يعاضدها من شتى أصناف التيار الاسلامى، قد انحرفت عن خط الدعوة الوسطى، وعن خط الوطنية الصادقة، والروح الثورية السلمية، وانحرفت بسوء الأداء فى الرئاسة أو الارشاد أو الحزب (الحرية والعدالة) أو غيره من الأحزاب، انحرافًا واضحًا. إنها تقبع اليوم فى السجون (تحت المحاكمة) أو رهن الحبس على ذمة قضايا أو حبس أو غير ذلك من الأسباب، تنتظر المحاكمة وأمرهم فى يد القانون والعدالة، وبعض أطراف تلك العدالة ممن فى هذه الدوائر، من ميراث الماضى ومن كبار الفلول أو ممن كرهوا التيار الاسلامى بأكمله أو ممن ينتمون إلى توجهات سياسية أو فكرية مخالفة ومنافسة لخط التيار الاسلامى.
أقول إنهم انحرفوا عن خط الوطنية الصادقة، لأن أوطاننا مسلمة وليست كافرة وليست جاهلية، رغم ما قد يكون فيها من عادات وممارسات مخالفة للاسلام. سلم الفهم الصحيح عند التيار الاسلامى فيه درجات ثلاث هى: الوطنية والقومية والاسلامية.
لقد جرى على الاخوان وعلى مؤسساتهم قانون الحظر ثم الدمغ بالارهاب ليس فى مصر وحدها، بل بعض دول العالم العربى، ولا تزال بعض الدول الغربية تنظر فى ملفات الاخوان للنظر فى أمر دمغهم بالارهاب، وهذه كارثة جديدة خطرة لم يتوقعها الاخوان يومًا ما، بسبب علاقتهم بالأمريكان خصوصا. وبعضهم ممن هرب خارج مصر ولجأ إلى قطر أو بعض دول الخليج الأخرى أو تركيا أو أوربا، ويمارسون ضغوطًا على مصر من خارجها، وبعضهم يوجه الشباب إلى أعمال عنف ضد الشرطة والجيش خصوصًا، أو يوافقون على ذلك الأمر المشين فى إطار التحالف المشؤوم لدعم ما يسمى بالشرعية أو بقاياها، وهم أبعد ما يكون بالعنف، عن الشرعية والشريعة. بل إن بعضهم أو بعض حلفائهم، دعوا شباب أوروبا والشباب المصرى والعربى إلى الالتحاق بداعش أو السكوت عن هذا الانحراف. فأصبح هناك جناح داعشى للاخوان والتيار الاسلامى عموما، كما ذكرت سابقا إلا من رحم ربى.
ولكن ما ذنب شباب الاخوان وشباب الجماعات الأخرى والتيار الاسلامى عموما؟ أقصد أولئك الذين لم يشاركوا فى عنف ولا فى اعتصام رابعة الكارثى، ولا فى اعتصام النهضة، ومن اقتنع تماما بانحراف قيادة الاخوان، ومن يرى حتى ضرورة محاكمة القيادة الكارثية داخليًا إخوانيًا، ومن ارتأى حتى وهم فى الحكم، مراجعة الأفكار والآراء غير الوسطية فى المنهج الدعوى والسلوك ومنهج التربية. ما ذنب هؤلاء جميعا؟
شباب الاخوان، وشباب التيار الاسلامى عموما، ينقسم فى ظنى - اليوم - إلى أربعة أقسام، يكاد يكون ذلك بالتساوى فى بعض الجماعات ويختلف فى بعضها الآخر، وإن كان يصعب قياسه بدقة على غير من لا يعرف الاخوان والتيار الاسلامى معرفه دقيقة من الداخل، أو من لم يتدرج فى كل المهام والمسؤوليات الكبيرة لجماعته أو حزبه، بما فى ذلك التنظيم العالمى للاخوان، وهو أقرب إلى التنسيق منه إلى التنظيم، كما أقول دائما، وقد قضيت فى قيادته وعضويته سنوات طويلة، أقول هنا إن القراءة وحدها لا تكفى لفهم الظاهرة أو الحالة الاسلامية.
القسم الأول من شباب الاخوان والتيار الاسلامى مع القيادة، أيا كانت، كارثية أو دعوية تربوية، ويقدم التنظيم وأوامره على أى شئ آخر، ويسمع ويطيع أحيانا دون استبصار، ويسمع ويطيع حتى فى المعصية مثل العنف، وإن فلسفها خطأً بأنها حكمة وطاعة لولى الأمر أو جهاد فى سبيل الله. وهؤلاء تلوثت عقولهم بما تربوا عليه من أفكار قطبية شاذة تبنتها القيادة الكارثية، ومما سمعوه على منصة رابعة من أقوال جاهلية، لا تمت إلى الدعوة الوسطية بصلة، مثل مقولة عاصم عبدالماجد، قبل فض رابعة «قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار»، وكأنه أخذ مفاتيح الجنة من الله تعالى أو الملائكة، فأصبح يدخل من يشاء حيث يشاء، وكذلك ما سمعوه، من صفوت حجازى «اللى هيرش مرسى بالميه هنرشه بالدم»، وغير ذلك كثير مثل «سيسحقون».
وهذا أيضا جاهلية واضحة لأنها من قبيل رد الصاع صاعين أو أكثر، بعيدا عن العدل واغترارًا بالقوة والسلطة، قوة التنظيم، وليس قوة الايمان ومحبة الشعب، وهذه الجاهليات تمثل عدوانًا مخالفًا للنص القرآنى الحاكم «وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ۖ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ». كما قلت ذلك مباشرة على الهواء لصفوت حجازى أثناء رابعة وهم فى الاحلام والشرعية. وهذه المفاهيم الجاهلية ليست تكفيرا بل هى سوء فهم وجهالة واضحة.
النموذج لهؤلاء الشباب عبدالرحمن عز وأحمد المغير ومنتصر، ومن على شاكلتهم، كنت منذ وقت مبكر أتوقع أن ينقلب هؤلاء على قياداتهم فى المستقبل عندما يصيبهم اليأس، ويكونوا أقرب إلى فكر القاعدة والجهاد والجماعة الاسلامية والسلفية التكفيرية أو بمعنى أوضح فكر التكفير بدرجاته المعروفة. وقد حدث هذا اليوم وهلك فى الطريق من يسير إلى ذلك الوضع السيئ للأسف الشديد.
القسم الثانى: انشق عن القسم الأول، ويتصارع معه حاليًا على السلطة والمال والقيادة، وكلاهما يزعم السلمية أحيانًا بنشر مقولات للامام البنا رحمه الله تعالى، دون الالتزام بالمنهج الكامل والتخلى عما فيه من أخطاء أو أفعال لا تناسب العصر اليوم، ولكن السلمية عنده هى الثورية ولا يخدمها المنهج التربوى الاصلاحى حاليا ولا الاستراتيجية الأقل تكلفة، بل التصعيد حتى لو استفادت منه القوى المعادية للوطن بل والأمة العربية والاسلامية. كما جاء فى كلام د. أحمد عبد الرحمن رئيس مكتب المصريين فى الخارج.
القسم الثالث من الشباب متوقف حتى يتبين، وإن لم ينقطع عن التنظيم بما فيه من أنشطة سرية اليوم - كما هو الحال دائما فى الأزمات-، مع قليل أو بعض الاتصالات مع القسم الأول أو القسم الثالث بقصد التبين والتيقن والاستبصار، وهو يحتاج فترة أطول ليستقر ذلك الجناح الشبابى ويحدد موقفه. وللحديث صلة إن شاء الله تعالى. والله الموفق.