الصباح
أحمد جلال
الننى الذى كفر بـ«آه لو لعبت يا زهر»!
لم يجلس محمد الننى نجم مصر العالمى على شط ترعة بلدهم فى المحلة، ليغنى على طريقة المطرب أحمد شيبة «آه لو لعبت يا زهر.. واتبدلت الأحوال»، بعد أن استبعده النادى الأهلى من بين صفوفه، وهو ناشئ صغير دون الخامسة عشر من عمره، وبجرأة يحسد عليها طفل فى هذه السن، قال لوالدته: «اطمنى يا حاجة، وحياتك لأرجع النادى الأهلى، بعد ما أحقق طموحات أكبر من تاريخ كل اللى مشونى»، كانت أمه تنظر إليه بنظرات زائغة، تمتزج فيها الشفقة، بالدهشة.. وتصورت أن ابنها يصرخ فى البرية، ويطلق كلمات انفعالية، فى لحظات غضب، من دون أن تدرك أن صغيرها، يتحدث بلغة الصخور التى لا تلين، وأنه عازم بالفعل على أن يحقق هدفه، الذى شد الرحال إليه من الغربية، إلى قلعة الجبل الأخضر فى مدينة نصر، ليبدأ رحلة الصعود إلى قمة المجد، مع رفيق الكفاح محمد صلاح.
وربما لا يعرف كثيرون أن كل نادٍ لعب له محمد الننى عانى معه من مشكلات عدم اقتناع المدير الفنى بقدراته، إلى حد أن المهندس شريف حبيب محافظ بنى سويف الحالى، ورئيس نادى المقاولون العرب السابق، أصر على أن يضمه إلى بازل السويسرى على سبيل الإعارة، وبمقابل مادى لا يتجاوز 50 ألف دولار.
كان شريف حبيب يدرك بعمق خبرته كإدارى من طراز رفيع، أن شخصية محمد الننى، ستفرض نفسها، رغم رفض المدير الفنى للفريق السويسرى، ومع أول فرصة حصل عليها الننى فى الدورى، فاجأ النجم المصرى الجميع بأداء مذهل، ومستوى رفيع، أجبر مدربه على تثبيته كلاعب أساسى، فى خط وسط الفريق السويسرى، ورغم أنه تألق على مدار موسمين فى بازل، إلا أنه سار على نهج صديقه محمد صلاح، ولم يستعجل الانتقال إلى نادٍ أكبر، ولم تصبه حمى الحنين للوطن، كما حدث مع نجوم آخرين، أكثر منه شعبية، وتعامل مع رحيل رفيق عمره محمد صلاح، إلى نادى تشيلسى بقلب أسد، لم يهتز لحظة واحدة، وواصل مشواره مع التألق، حتى كان الانتقال لصفوف نادى الأرسنال، الذى حدث خلال يناير الماضى.
ولأنه يعرف جيدًا أن ارتداء قميص الأرسنال، يمثل حجر الزاوية فى مشواره مع الساحرة المستديرة، إما أن يدفعه خطوة أكبر للمقدمة، أو يعيده للصفوف الخلفية، فإنه قاتل بشراسة، ليحجز مكانًا فى صفوف المدفعجية، وهو أمر أثار إعجاب الفرنسى أرسين فينجر، ولم ينتظر الننى طويلًا، وبات لاعبًا أساسيًا، فى غضون أسابيع قليلة، حتى كان لقاء برشلونة الأخير، فى دورى أبطال أوروبا، والذى شهد تسجيل النجم المصرى هدفًا ولا أروع، بصرف النظر عن خسارة فريقه أمام «البارسا»، بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد.
رحلة الننى ما زالت تعرض فصولها بنجاح على مسرح كرة القدم الأوروبية، لأن بطل الرواية، أدرك أن كرة القدم، ليست فقط فى الملعب، وليست فقط فى إبراز المهارات، بل هى تجربة حياة، وتفاعل، وإتقان لغة، والتفاعل مع أجناس مختلفة، وقبل كل ذلك التزام وصبر ومثابرة.
رحلة الننى، ومن قبلها رحلة محمد صلاح.. درس لكل لاعب يظن أن مجرد ارتداء قميص الأهلى والزمالك، هو نهاية مشوار النجاح، فإذا به يصطدم على مأساة سقوطه إلى جوار حائط النسيان، ويتوارى فى سجلات التاريخ المنسى، ويتحول إلى مجرد رقم فى سلسلة الفاشلين الذين ارتدوا قميص أحد القطبين الكبيرين
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف