الوطن
محمد الدسوقى رشدى
قضية المناضلة «غادة إبراهيم»
المشكلة الآن ليست فى براءة غادة إبراهيم من تهمة الدعارة، ولا فى أنها أول حالة نتعرف من خلالها على العدالة الناجزة والسريعة، فقد تم اتهامها والتحقيق معها وتبرئتها فى أقل من شهر بينما عشرات الشباب مر عليه عشرات الشهور وهو فى محبسه بسبب بطء إجراءات التقاضى، وعشرات الآلاف من الأسر المصرية تعانى بسبب تأخر المحاكم.

لا تسأل نفسك لماذا خرجت غادة إبراهيم براءة؟، هى أصلاً صفر على شمال الحياة الفنية، كتلة سيليكون اخترقها جراح التجميل وأعاد تشكيلها أكثر من مرة وفشل فى تنظيم هيئتها، كما فشلت الظروف من قبل فى ترتيب هيئتها العقلية، فتجدها تارة ترتدى «الهاند ميد موف» وتظهر لنا على السجادة الحمراء لمهرجان القاهرة لتضيف مزيداً من التشويه البصرى إلى صورته المشوهة، بخلاف ما توفر من تشويه لقيمة المهرجان بوجودها كنموذج على أن البرلمان ملجأ من لا قيمة فنية له، وتارة أخرى تجد هذه الغادة التى لم يتم ضبطها فى عمل فنى واحد ذات قيمة يمكنك أن تتذكرها كمشاهد أو ناقد لتمارس ما تجيده من أفورة وتشير بعلامة النصر من داخل قاعة المحكمة بعد نهاية جلسات التقاضى وكأنها كانت متهمة فى قضية سياسية وليس قضية دعارة قد تسقط بسبب خطأ فى الإجراءات أو تغيير لون الملاية، ثم تستكمل مسيرتها فى الأفورة وتخبر الصحف أنها لن تتوقف عن الكلام فى السياسة فى إيحاء مباشر إلى أن ما حدث معها انتقام سياسى.

أى سياسة التى تتكلم عنها أشهر مجهولة فى الوسط الفنى، الممثلة الوحيدة التى لم تبنِ شهرتها على جهد فنى وتمثيل بقدر ما أسست لشهرتها بنطاعة غير عادية فى حضور كافة الحفلات سواء كانت فنية أو أعياد ميلاد أو طلاق أو زواج والجرى خلف كافة الصحفيين، واسترضاء المصورين للتركيز معها فى الحفلات وقد رأيت الأخيرة بعينى.

ليس على غادة إبراهيم حرج، لم يسعفها عقلها لإدراك ما هى السياسة كما لم يسعفها جمالها وموهبتها من قبل أن تستحوذ على الكاميرات دون استجداء، أمثال غادة يرون أن مجرد تراقصهم على أنغام «بشرة خير» أو «تسلم الأيادى» هو العمل السياسى، وأن اختراق أى مظاهرة للحصول على صورة تضمن لهم شهرة على مواقع التواصل الاجتماعى هى السياسة، أمثال غادة إبراهيم يتخيلون أنهم بمجرد الحديث عن مصر وتمنى استقرارها أنهم أصبحوا مناضلين ولذلك أوهمت المغمورة الغارقة فى السيليكون وعالم النفخ والشد نفسها بأن قضيتها قضية سياسية.. وتلك ليست المشكلة.

ليست المشكلة فى أن غادة إبراهيم تظن نفسها فنانة وهى ليست بذلك ولن تكون، ليست المشكلة فى أن غادة إبراهيم تظن نفسها مناضلة سياسية وهى ليست بذلك، ليست المشكلة فى أن غادة إبراهيم تظن نفسها سيدة مجتمع وهى أبعد عن ذلك بسنوات ضوئية، ليست المشكلة فى أن غادة إبراهيم تتوهم وجود مؤامرة للتخلص منها بسبب فنها وآرائها السياسية، وليست المشكلة فى القضاء الذى كان سريعاً وهو يتعامل مع قضية نصف المغمورة هذه بينما هو غافل عن آلاف القضايا الأخرى المهمة، المشكلة الحقيقية فى أننا لم نسأل أنفسنا كيف سمح هذا المجتمع لتلك الكتلة التى تشغل حيزاً من الفراغ وتسمى غادة إبراهيم أن تصبح مشهورة إلى هذا الحد، كيف ضحكت على الصحف المصرية ومصوريها لنشر أخبارها كلما أصابتها الكحة أو اشترت فستاناً جديداً أو قامت بتعديل عند جراح التجميل، السؤال الأهم: كيف نجحت غادة إبراهيم أن تحصل على الشهرة واهتمام المجتمع بلا فن؟، والسؤال على قدر ما يبدو بسيطاً يبدو كارثياً لأن غادة إبراهيم تمثل أكثر القيمة المصابة بالأمراض فى هذا المجتمع، فهى تقول للجميع «يمكنكم أن تحصلوا على كل شىء وتطاردكم الصحف دون أن تبذلوا جهداً فى تعلم شىء، أو تقديم أى شىء له قيمة»، وجود أمثال غادة إبراهيم هو أكبر إدانة لهذا المجتمع وكشف لأمراضه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف