الوفد
علاء عريبى
رؤى -من الذي يتحمل الفاتورة؟
أظن أنه حان الوقت الذي نعيد فيه مطلبنا بإطلاق سراح جميع المتهمين على ذمة قضايا عنف ولم تثبت ضدهم الاتهامات، وذلك بمناسبة قرار محكمة جنايات القاهرة بإخلاء سبيل المتهمين فى قضية تحالف دعم الشرعية، والمتهمين فى قضية مكملين، وقد شمل القرار عشرة متهمين، فقد سبق وطالبنا أكثر من مرة إطلاق سراح من لم يتورطوا فى أعمال عنف، ومن لم تثبت ضدهم الاتهامات، ليس من المعقول أن نزج بالبعض إلى السجون على ذمة قضايا وهمية لمجرد أنهم يعارضون النظام أو لأنهم يؤيدون جماعة الإخوان المسلمين.
وأذكر قبل الثورة أن أجهزة الأمن كانت تعتقل البعض وتقدمهم إلى المحاكمة بتهم ملفقة، وكانت المحاكم تقضى بالإفراج عنهم، لكن أجهزة الأمن كانت تصدر قرار اعتقال لهم وتعيدهم إلى محبسهم مرة أخرى، وتعاد بعد فترة الكرة، ويتقدمون إلى المحاكمة، وتصدر قراراً بالإفراج عنهم، وترفض أجهزة الأمن تنفيذ القرار وتحتجزهم بقرار اعتقال.
وأذكر أيضاً أن العشرات من هذه الحالات كانت تملأ السجون المصرية، وظلوا فى اعتقالهم لمدة سنوات طويلة، وصلت مع بعضهم إلى عشر سنوات وأكثر، وطالبنا أيامها أكثر من مرة باحترام أحكام القضاء والإفراج عن هؤلاء، خاصة وأن أغلبهم قد حصل على العديد من الأحكام وضرب بها عرض الحائط.
اليوم أجهزة الأمن تستخدم نفس النهج، تلقى القبض على بعض الأشخاص وتوجه لهم تهماً فى قضايا عنف أو التحريض على العنف، أو تبنى أفكار معادية لنظام الحكم، أو المشاركة فى مظاهرات أو تنظيمات أو جماعات تهدف لقلب الحكم، ويظل المتهم فى محبسه بالقانون لشهور، ويحال إلى المحاكمة وتقضى بعضها بالحبس، ويلجأ إلى استئناف الحكم، وتصدر المحكمة قرارا ببراءته أو بتأييد الحكم، ويلجأ إلى النقض وتبرئته.
هذه الحالات أساءت كثيرا إلى سمعة مصر، ودفعت الحكومات الأوروبية إلى التنديد بملف حقوق الإنسان بعد ثورة 30 يونية، كما أن هذا الملف جعل بعض البلدان تتلكأ فى تغيير موقفها من ثورة 30 يونية، وتؤخر إقدامها فى مساعدة الشعب المصري اقتصادياً.
ليس من المعقول أن يزج بأحد المواطنين إلى السجن لشهور ولسنوات لمجرد أنه يتبنى أفكاراً معارضة للنظام، ليتبنى ما يشاء طالما لا يخرق القانون، ما بينى وبينه القانون، عندما يتجاوزه أحاسبه وأعاقبه بالقانون، ويعاقب كذلك من يحبس حريته ويهينه تحت دعوى اتهامات لا تدعمها أدلة.
الأحكام الأخيرة التي برأت البعض من تهم لا تدعمها أدلة، تفرض سؤالاً على قدر كبير من الأهمية، يجب ان نواجهه جميعا ونفكر فيه إذا كنا نسعى بالفعل إلى تطهير ملف حقوق الإنسان، وهو: من الذى يعوض من يسجن ويهان على سبيل الخطأ؟، من الذى سيتحمل فاتورة حبس مواطن برئ لشهور ولسنوات فى قضايا لا أساس لها بالواقع؟، من يتحمل تكلفة الأموال التى أنفقت على المتهم البرئ طوال فترة حبسه، من طعام وشراب وعلاج وحراسة وانتقالات ومحاكمة؟، من يعوض هذا الشخص عن الأموال التي أنفقها على المحامين وعلى نفسه خلال فترة حبسه؟، من الذي يعوض أسرته عن الأضرار النفسية والأدبية والمادية التى لحقت بهم بعد حبسه؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف