عباس الطرابيلى
هموم مصرية- إلغاء القطار المكهرب.. لماذا؟
أنا مع قرار الدكتور الجيوشى وزير النقل، بإلغاء القطار المكهرب بين مدينتى السلام والعاشر.. وأيضاً مثيله من قلب الإسكندرية الى أبوقير شرقاً.. والأول كان سيربط بين القاهرة، وأكبر مدينة صناعية هى العاشر من رمضان وكان ذلك يسهل كثيراً نقل العاملين الى مصانعهم.. ويوفر أعباء صيانة الطريق الصحراوى للإسماعيلية.. ويوفر نقل المواد الخام وأيضاً منتجات هذه المصانع ويسهل ربط كل ذلك بميناء السويس جنوباً.. وبورسعيد شمالاً.. أما قطار أبوقير فهو يربط بين وسط الإسكندرية الى تلك الضاحية المشهورة مروراً بمعظم شواطئ ـ ولو من بعيد ـ الإسكندرية وحتى المعمورة.
<< ولكننى وقفت أمام الأرقام التى ذكرها الوزير من انه تم توفير 50 مليار جنيه كان يتكلفها هذان الخطان. فإذا كان الخط الأول سوف يساهم فى إنعاش المنطقة الصناعية ويوفر للشركات أعباء عديدة.. إلا أن هذه المصانع كانت سوف تساهم فى إنشاء هذا الخط الذى أراه ضرورياً.. وكانت فكرة الربط هنا من أيام المهندس حسب الله الكفراوى ـ الأب الشرعى للمدن الجديدة ـ ثم اختفت حتى قضبان وفلنكات الخط، وربما اشتراها أصحاب مصانع الحديد.. وهنا كنت أرى إعادة مد القضبان والمحطات على أن يتم تسيير القطارات العادية: للبضائع والركاب ـ بالديزل والبخار.. ونؤجل كهربة هذا الخط «لحين ميسرة» بسبب الضرورة الاقتصادية.
<< أما خط أبوقير الذى أنشئ أيام الخديو إسماعيل، أى عام 1872 فكان هدفه ربط قلب العاصمة الثانية، بكل ما هو فى أقصى شرق الإسكندرية وإن كان من أهدافه ربط قصر المنتزه ـ بعد ذلك ـ بقطار سكة حديد لتسهيل تحركات الجالس على العرش وأسرته.
وربما يجب أن نتذكر هنا خط باب اللوق إلى حمامات حلوان وقد أنشئ عام 1872 بطول 25 كيلو متراً، وبدأ مسيرته بالفحم والخشب.. ثم بالديزل الى أن تولى الدكتور مصطفى خليل عندما كان وزيراً للنقل كهربة هذا الخط كجزء من مخطط عصر عبدالناصر فى تحويل حلوان من مجرد مشتى لتصبح هى وعلى طول الخط، منطقة ضخمة للصناعات المدنية والحربية.
<< حقيقة نحن نسعى الى الأفضل.. ولكن يجب أن نتبع سياسة التكاليف الأقل، خصوصاً فى الفترة الحالية.. ونحن أحوج إلى أى مليون جنيه وأعلم أهمية حماية البيئة، وتقليل معدلات التلوث.. وأن العالم كله تقريباً يتجه الآن الى كهربة سككه الحديدية.. ولكن نظراً للتكاليف العالية يمكن أن ننفذها ـ وغيرها ـ بتحسين ما هو قائم وباستخدام الديزل وغيره وتأجيل عملية «الكهربة» الى ما بعد.. على أن تشمل عمليات تحسين الخدمة الحالية بكهربة المزلقانات والتقاطعات.. فهى ضرورة وبالذات عند خط أبو قير الذى يجب أن يتم عزل مساره بالكامل عن كل ما حوله، لينطلق الى هدفه الأساسى، دون حوادث مؤلمة!! وأتذكر أن خط باب اللوق ـ حلوان كانت قيمة التذكرة ثلاثة قروش للدرجة الثانية وأربعة للأولى، حتى بعد أن تمت كهربته فى الخمسينيات.
<< إذن فكرة كهربة هذين الخطين جيدة.. ولكن توقيت تنفيذها هو ما اعترض عليه.. وان كنت من أوائل الذين نادوا بسرعة تنفيذ مد خط السكك الحديدية الى العاشر من رمضان. وهنا أرى البدء فى إعادة مد القضبان وبناء المحطات مع تسيير القطارات بالديزل لتوفير الكهرباء، ويمكن إقناع شركات العاشر بتولى تمويل إنشاء هذا الخط سواء القائمة.. مع إلزام الشركات الجديدة بالمساهمة فهذا فى صالحها.. وأيضاً فى تسهيل خروج منتجاتها الى الموانئ وبذلك نزيد من الصادرات.
وسواء استمر الدكتور الجيوشى وزيراً للنقل.. أم تم تغييره.. فإننى أرى أن الفكرة طيبة.. ولكن ليس هذا هو توقيت تنفيذها، وأراها من مشروعات الرفاهية.. تماماً كما أرى فكرة إنشاء العاصمة الإدارية فهى طيبة كفكرة.. ولكن ليس هذا هو توقيتها.. لأن هذه المشروعات تتكلف كثيراً.. وعائداتها بعيدة المدى ونحن نحتاج للمشروعات سريعة العائد.. كثيفة العمالة.
وشكراً للدكتور الجيوشى، الذى جاء اسمه من كلمتين: قائد الجيوش من العصر الفاطمى، وهناك شارع يحمل اسم العائلة متفرع من شارع المعز لدين الله.