إنها ( فاطمة ) أم مصرية شاء لها القدر أن تعيش مع مصر حكايتها من أربعينيات القرن الماضى هاجر أبوها شابا من كوم امبو إلى الإسكندرية فى وباء الكوليرا والتحق بقوات خفر السواحل عام 1930 وتزوج ليرزقه الله بفاطمة التى ولدت عام 1934م وقبل أن تبلغ العاشرة من عمرها نشبت الحرب العالمية الثانية فهاجرت إلى كوم امبو وتعود إلى الإسكندرية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وبعدها بسنوات قليلة تسمع من أبيها حكايات حرب فلسطين . تزوجت عام 1950 من رجل يعمل فى الجيش المصرى فكنت الابن الأكبر لهما حيث ولدت فى عام 1951وفى العام 1954 انتقل أبى إلى بورسعيد لتعيش فاطمة فى قشلاق الساحل ببورسعيد وفى عام 1956 دقت طبول الحرب وبقى أبى لنغادر وأمى بورسعيد فى رحلة عبر بحيرة المنزلة إلى المطرية لنستقل القطار الفرنساوى وقتها إلى المنصورة ثم إلى طنطا فالإسكندرية فى رحلة شاقة لنعود بعد شهور إلى بورسعيد على ضربات دفوف النصر ومضت سنوات دراستى الإبتدائية فى مدرسة شمس العلوم ببورسعيد وبنهايتها ينتقل أبى للعمل فى السويس ليصطحبنا معه وأحصل على الإعدادية بها وتندلع حرب 67 لنغادرالسويس إلى الإسكندرية لتكون الهجرة الثالثة لفاطمة وفى العام 1969 حصلت على الثانوية العامة وكانت رغبتى أن ألتحق بالكلية الحربية اعترض والدى رحمة الله عليه وكان يرى أننا اكتوينا وباركت أمى التحاقى بالكلية الحربية وقدر لى أن أشترك فى حرب أكتوبر جنديا من جند مصر وكانت حكاية فاطمة فى عقلى ووجدانى خلال الحرب وكنت على يقين أن فاطمة كانت تستحق وساما وقد منحتنى القوات المسلحة نوط الشجاعة من الطبقة الأولى وميدالية جرحى الحرب قدمتهما هدية مستحقة لها . رحم الله أمى المصرية وأفتخر.
لواء أ. ح. متقاعد/محمد يوسف شعيشع
هذه السطور التى كتبها اللواء شعيشع بكل صدق المشاعر ليست حكاية أمه وحدها وإنما هى حكاية الأم المصرية بوجه عام.. حكاية العطاء الممزوج بعمق الانتماء.. كل التحية لكل أم مصرية وأخص بالذكر أمى رحمة الله عليها التى رحلت عن دنيانا فى مثل هذا اليوم قبل 10 سنوات ولم تفارق صورتها حياتى لحظة واحده.. وتحيا مصر!
خير الكلام:
<< الأم مدرسة إذا أعددتها.. أعددت شعبا طيب الأعراق !