خائفةً على الزهورِ التي نبتت على شفتي
لحظة ودعتني بِقُبلةٍ عند الحاجز الزجاجي
في المطار البعيد،
أخافُ عليها من الذبولْ
دونَ رِيٍّ،
فأنتَ بعيدٌ
وكأسُ الماءِ
في يدِكْ.
لا تُحِطْني بذراعيكْ
لكيلا
-حين تمضي-
أرتعشَ من البردْ.
لا تُقبّلْني طويلاً
لكيلا
-حين تجفُّ شفتاي-
أموتَ ظمئًا.
لا تقُلْ لي كلماتِ حُبٍّ
لكيلا
-حين يختفي صوتُك من شرفتي-
يُصيبَني الصممْ.
لا تملأْ بيتي حياةً
حتى
-حين تسافرُ غدًا-
لا يدثّرَني المواتْ.
لا تُشِرْ بيدِكَ نحو الرَّبوةِ البعيدة
قائلا:
هنالكَ
عُشٌّ سوف يجمعُنا
لكيلا
-حين أنظرُ للبعيدِ بعدَ رحيلِك-
أفقدَ بَوصَلتي
ويضربَني العمى
فلا أرى
إلا اليبابْ.
لا تضعْ أطفالَك في قلبي
لكيلا
-حين أخلُدُ إلى وحدتي-
أشعرَ باليُتم.
لا يكنْ حضورُكَ كثيفًا
لكي
لا يكونَ غيابُك كثيفًا.
***
كأس ماء
الزهورُ عطشى!
الزهورُ
التي أشرقتْ على شَفتي
لحظةَ ودّعتَني بقُبلَةٍ
عند حاجزٍ زجاجيٍّ قاسٍ
يفصِلُ البُلدانَ والأزمانَ
مثلما يُفرِّقُ العُشّاقَ
عن حبيباتِهم.
لمحتُها بطرفِ عيني
تُنبِتُ من شفتي
تورقُ
ورقةً إثرَ ورقةٍ
أثرَ غُصنٍ
حتى رمتْ ظلالَها الشاحبةَ
فوق ذراعيَّ
اللتين تعلّقتا بعنقِكَ
قبل أن تفكِّكَ اشتِباكَهما
لأمضيَ
وأتركُكَ وحيدًا
في بلادِ الصقيعِ
والكناغرِ
والطواويسْ.
أقفُ الآنَ
على ضِفّة النيلْ
خائفةً على الزهورِ التي نبتت على شفتي
لحظة ودعتني بِقُبلةٍ عند الحاجز الزجاجي
في المطار البعيد،
أخافُ عليها من الذبولْ
دونَ رِيٍّ،
فأنتَ بعيدٌ
وكأسُ الماءِ
في يدِكْ.