التحرير
سامح عيد
سحق الطبقة الوسطى
عندما يصرح أبو بكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بأن معدل التضخم وصل إلى 25%، وعن نسبة الفقر من حيث آخر بحث للدخل والإنفاق أشار الجندي إلى أنها وصلت إلى 26% بنهاية عام 2013، وهي النسبة التي يتم حسابها على 26 ألف أسرة لمدة عام كامل، لأن السلع المهمة في شهور الشتاء تختلف عن شهور الصيف، ووجدنا أن 1300 جنيه هو الدخل الوطني الذي يعتبر أقل خط لتوفير (المأكل والملبس والمسكن) وبناء عليه فإن كل أسرة يقل دخلها الشهري عن 1300 جنيه، فتعتبر تحت خط الفقر، موضحًا أن أغلب محافظات الصعيد تعاني من معدلات فقر مرتفعة، علما بأن أسيوط تعتبر أفقر محافظة، حيث يقع 60% من شعبها تحت خط الفقر. عندما تكون تلك تصريحات مسؤول تنفيذي مهم في الدولة بهذا الشكل، ويتحدث عن محافظة مهمة كأسيوط نسبة الفقر فيها 60% وطبقا لحساباته فإنها الأقل من 1300 جنيه، مع العلم أن أسيوط ليست أفقر محافظة في مصر، فهناك محافظات في الصعيد أكثر منها، فأسيوط بها حركة تجارية وتعليمية كبيرة.

وما زالت الدولة ترفع الأعباء على المواطنين بشكل مفزع من خلال ما يسمى بالقرارات المؤلمة، بتخفيض الدعم، ناهيك بالحركة المفاجئة برفع سعر الدولار إلى أقصى درجاته وهو تسعة جنيهات، بتضخم وصل إلى 25% طبقا لتصريحات الجندي، فماذا يفعل ابن الطبقة المتوسطة بعد انخفاض دخله بواقع 25%، وإصرار الدولة على عدم رفع الرواتب بقانون الخدمة المدنية الجديد، بما سيؤثر بشكل بالغ على التجارة بأنواعها، وهناك حالات كساد واضحة في الأسواق، تسمعها من كل التجار، ومن أصحاب الأعمال الحرة بشكل عام، فهل هذا الوضع يطمئن؟

بالتأكيد الأمور تنذر بأخطار اجتماعية محدقة بمصر، وهل فعلا 1300 جنيه كافية لمعيشة الطبقة المتوسطة، في ظل تراجع الدولة عن تقديم خدمة صحية مجانية حقيقية، وخدمة تعليمية مجانية حقيقية، بل حتى الواقعون تحت مظلة التأمين الصحي ويدفعون أجر تلك الخدمة يشتكون مر الشكوى من إهدار الكرامة وعدم تقديم الخدمة بأدنى درجاتها ويضطرون إلى التخلي عن التأمين الصحي، ودفع أموالهم ومدخراتهم في علاج ذويهم، وما زالت مشكلة التعليم قائمة وتعاني الأُسَر من ضغط الدروس الخصوصية، بما يجعل أسرًا تشتكي مر الشكوى رغم أن دخلها يصل إلى عشرة آلاف جنيه، لأنها لا تستطيع تغطية نفقاتها الأساسية، عندما يضاف إليها الدروس الخصوصية، والعلاج، رغم أن تلك الأسر كانت من الأسر المستورة في وقت مضى، وتستطيع أن تدخر من دخلها، الآن هي تتراجع وبقوة وتهبط تحت خط الفقر والعوز، ولم تعد المدارس الخاصة ترفًا بالنسبة لشريحة من الطبقة الوسطى، لأن المدارس الحكومية بتكدسها الكبير، وحالة الترهل الحكومي الكبيرة، لم تصبح الخدمة التعليمية سيئة فقط، ولكن المدارس الحكومية أصبحت مرتعا للبلطجة، وتجارة المخدرات في أحيان ليست بالقليلة، وتشكل خطورة أمنية على أبناء الطبقة المتوسطة، لأنه ربما قادرون على التغلب على عدم تقديم الخدمة التعليمية بالدروس، ولكنهم غير قادرين على حماية أبنائهم، في ظل هذا الترهل، كل هذا يشكل ضغوطا كبيرة على الأسر وعلى الطبقة المتوسطة، والطبقة المتوسطة هي عماد أي مجتمع جاد، يريد أن يسير إلى الأمام فهي دائما صمام الأمان بالنسبة إلى أي مجتمع.

وإذا كان الوضع هكذا، فأي أمل لدى الشباب لبناء أسرة وتكوين بيت، في ظل أكبر عملية تضخم في أسعار العقارات، بما يشكل أملا صعبا بالنسبة للشباب، وهذا يزيد من معدلات الغضب لدى فئة الشباب ونحن في عام الشباب كما أعلنت الحكومة، الحكومة القادمة أمامها عمل شاق، واختبار صعب، فإن لم تستطع تقديم حلول جادة واسترايتجيات حقيقية للحلول في الفترة القادمة، وأن يرى المواطن آثارا على الأرض ترضيه، فنحن مقدمون على عام صعب، وأمام البرلمان أيضا مهمة شاقة في الرقابة على تلك الحكومة، ومتابعة مصالح الشعب الذي يمثله، لأن فقدان الثقة يوجهنا بكل سرعة إلى فقدان الأمل لقطاعات من الشعب، تؤدي إلى تظاهرات اجتماعية محتملة بشدة، ولن تجدي محاولات القمع الأمنية، ولكن التعامل السياسي الحكيم من قبل الحكومة، فأتمني أن تكون الحكومة القادمة على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقها وإلا فنحن مقدمون على صيف ساخن.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف