حمدى الكنيسى
كلام من لهب ! اللهم احمها من أبنائها !
هكذا تجاهل من يدعون أنهم أبناء مصر وفلذات كبدها كل تلك الحقائق ليطلقوا سهام النقد والتجريح والتحريض في وجه بلدهم
وجدتني أقولها من قلبي وعقلي عندما شاهدت علي الشاشات المنفلتة ما يرتكبه في حق مصرنا الغالية بعض المنتسبين إليها (بالمولد والنشأة والرعاية والجنسية) قلتها ورددتها بيني وبين نفسي «اللهم احمها من أبنائها أما أعداؤها فهي كفيلة بهم» فالأعداء معروفون مهما تنكروا، ولن يفلتوا من المواجهة والعقاب، أما أن يأتي الخطر من الداخل، ممن يقال إنهم أبناؤها فالأمر هنا يتجاوز حدود الخطر المباشر لأنها يتكامل مع الخطر الذي يدبره أعداؤنا.
ولعلك ـ عزيزي القارئ ـ تنتظر الآن أن أحكي لك بعض ما شاهدته واستفزني وجعلني أكاد أصرخ بذلك الدعاء، علما بأن ما أسجله الآن مجرد حلقة من مسلسل الأخطاء والخطايا التي يرتكبها أولئك الذين يطعنون بلدهم في الظهر ليل نهار منذ انطلق الشعب العظيم لينقذ ثورة يناير التي ترنحت تحت حكم الجماعة الإرهابية، وأطلق ثورة يونيه التي أسقطت ذلك الحكم الفاشي وأجهضت مخطط الشرق الأوسط الجديد. أما ما شهدته مؤخرا وأوجع قلبي وقلب كل مصري وطني أصيل فيرتبط بما حدث للشاب الإيطالي «ريجيني» الذي عُثر علي جثته علي طريق القاهرة ـ اسكندرية الصحراوي أول فبراير الماضي حيث استغله أعداء الداخل والخارج بالصورة التي أوقعت «البرلمان الأوروبي» في فخ التسرع المريب فأصدر قرارا يوحي بمسئولية مصر عن مقتله، وباسم حقوق الإنسان طالب البرلمان باتخاذ إجراءات انتقامية ضد مصر! وقد أثار ذلك الموقف من ذلك البرلمان ردود فعل مختلفة، فرفضته واستنكرته وزارة الخارجية واتخذ مجلس النواب نفس المنهج، وكذلك عدد من المفكرين والإعلاميين الوطنيين، بينما ظهر المتربصون ضد بلدهم لينهالوا بالانتقادات الصارخة والاتهامات الجامحة لدرجة أن منهم من رفعوا لافتات ترحب بقرار المقاطعة الذي دعا إليه البرلمان الأوروبي، وتحدث بعضهم لوسائل الإعلام ليتقيأ حقداً وعداء لبلده فيقول إن مصر بها انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان، ويقول «موتور» منهم إن الباحث الايطالي «ريجيني» قامت الشرطة بتعذيبه وقتله، ثم يضيف ان السجون والأقسام تشهد حالات التعذيب والقتل لمن يتم القبض عليهم بتهم زائفة، ولايكتفي ذلك «الموتور» بما أطلقه من أكاذيب لتشويه صورة مصر (بلده!!) فينقض بالإساءة إلي القضاء المصري بادعاء أنه يعمل بالأوامر، ثم يلتفت نحو مجلس النواب لينفث سموماً أخري بادعاء أنه ليس من اختيار الشعب بل من أجهزة المخابرات!
وهكذا تواصلت الافتراءات والتحريضات التي يتلهف عليها أعداؤنا ليستغلوها بطريقتهم أسوأ استغلال من حيث دعم الإرهابيين، ومحاولة خنق وتركيع مصر اقتصاديا فها هم أبناؤها يتيحون الفرصة للانتقام منها بعد أن حولت ربيعها الثوري إلي انطلاقة هائلة علي طريق الديمقراطية والتنمية والتقدم ومن ثم نجت من حرب أهلية كان المفترض أن تمزقها وتحولها إلي دويلات وكنتونات طائفية متصارعة مثل سوريا وليبيا واليمن والعراق.
وإن سألتني عزيزي القارئ ـ عن هوية أولئك الذين نسأل الله أن يحمي مصر منهم فإنني أقول لكم إنهم ثلاث فئات: (١) من انتموا للجماعة الإرهابية التي لاتؤمن أساسا بمفهوم الوطن حيث ان ولاءهم للجماعة فقط أما الوطن فهو قطعة من الطين العفن (٢) الذين ابتلعوا طُعم الجماعة وأعداء الخارج فتصوروا أن «ثورة يونيه» جاءت للقضاء علي «ثورة يناير» (وليس النظام الفاشي فقط) ومن ثم فإنهم فقدوا فرصهم التي كانت قد حانت لهم باقتسام كعكة يناير من مناصب ومشروعات ونجومية! (٣) المغيبون الذين يتأثرون بالدعايات والشائعات التي تبثها المواقع الاجتماعية المريبة وبعض الصحف والفضائيات، صحيح أن هؤلاء المغيبين لايحركهم سوء النية ولايحملون البغض لبلدهم إلا أنهم في النهاية يسقطون في نفس المنزلق.
المأسأة أن أولئك الذين تتابعت اساءاتهم التي بلغت حد التحريض ضد بلدهم تجاهلوا تماما ما هو معروف للقاصي والداني عن حوادث الاغتيالات التي تحتاج وقتا طويلا حتي يتم الكشف عن مرتكبيها وأمثلة ذلك كالتالي:
١ـ لم يتم الكشف عن المتورطين في اغتيال النائب العام هشام بركات إلا بعد عام تقريبا بالرغم من خطورة وبشاعة الحادث.
٢ـ الفنانة سعاد حسني.. مر علي مقتلها عدة سنوات، وأجهزة الشرطة والمخابرات البريطانية حتي الآن تلتزم الصمت حيث لا دليل علي من قتلها.
٣ـ الوزير الروسي السابق الذي تم اغتياله في أمريكا منذ عام.. حتي الآن لم يتم التوصل إلي من قتله!
٤ـ ما يزيد التعقيد في اكتشاف من قتل الباحث الإيطالي «ريجيني» أن الحادث تم بخبرة وحرفية توحي بأن جهاز مخابرات أجنبيا قد يكون وراءه بهدف محاولة ضرب العلاقة بين مصر وإيطاليا بعد التحسن الكبير الذي طرأ عليها.
> هكذا تجاهل من يدعون أنهم أبناء مصر وفلذات كبدها كل تلك الحقائق ليطلقوا سهام النقد والتجريح والتحريض في وجه بلدهم الذي لايملك إلا أن يقول: «اللهم احمني من أبنائي.. أما أعدائي فأنا كفيلة بهم».