المساء
مؤمن الهباء
الوطن فوق الطائفة
اتخذت الكنيسة الأرثوذكسية موقفاً وطنياً شجاعاً ومسئولاً في تعاملها مع أزمة دير وادي الريان بالفيوم.. وأعلت من شأن القانون ومصلحة الوطن لتنفيذ طريق الإسكندرية ـ الواحات الذي اعترض عليه بعض الرهبان.. وهذا الموقف الوطني للكنيسة يقدم نموذجاً حضارياً يجب الإشادة به لإعلاء مصلحة الوطن فوق مصلحة الطائفة.
وأصدرت الكنيسة بياناً رسمياً في هذا الصدد يوضح طبيعة المشكلة ويؤكد أن وادي الريان منطقة محمية طبيعية وقد حاول البعض إقامة دير فيها علي أرض لم يتملكوها قانونياً ولم يصدر بها اعتراف كنسي حتي الآن.. وعندما قررت الدولة إنشاء طريق ضمن خطة مشروعات التنمية القومية في مصر اعترض بعض الساكنين هناك وبصورة غير لائقة أمام المهندسين ومعداتهم ولم يكن هذا موقف الكنيسة الرسمي.
ونظراً لأهمية الموضوع شكل البابا تواضروس لجنة من ثلاثة أساقفة للمتابعة منذ ستة أشهر واستبعدت الراهب المسئول عن إثارة الأزمة وتبرأت من اثنين من مساعديه الذين انتحلوا صفة "راهب".. وبذلت اللجنة محاولات عديدة في اتجاه الحل والتفاهم والحوار لكنها محاولات قوبلت بالعناد والإصرار.
بعد ذلك جاء بيان الكنيسة الواضح الحاسم الذي تقول فيه: "تعلن الكنيسة أن هذا المكان ليس ديراً كنسياً معترفاً به حتي الآن.. كما تخلي مسئوليتها وتعلن أن للدولة الحق القانوني في التصرف مع هذا الموضوع مع مراعاة الحفاظ علي الطبيعة الأثرية والمقدسات والمغائر والحياة البرية في هذه المنطقة.
وأضاف البيان: "تدين الكنيسة بشدة كل هذه التجاوزات وترجو من شعبها عدم التجاوب مع المغالطات التي يتداولها البعض بصورة خاطئة وبمعلومات غير صحيحة والتعاطف مع هؤلاء الأشخاص دون التأكد من الكنيسة الرسمية لمعرفة الحقائق الدقيقة والأمينة أمام الله.
وكان سكان الدير "المزعوم" ـ الذي أطلقوا عليه اسم "دير القديس الأنبا مكاريوس السكندري" ـ قد انتقدوا موقف الكنيسة.. وتضامن معهم بعض النشطاء الأقباط.. واتهم الراهب بولس المقاري "المشلوح" البابا تواضروس وأسقف الفيوم بالتخلي عنهم.. والوقوف ضد رهبان الدير لتنفيذ مرور الطريق.. مؤكداً ـ في تصريحات صحفية منشورة ـ أن قرار الكنيسة بالتبرؤ منهم كان متوقعاً ولن يثنيهم عن التصدي لتنفيذ الطريق حتي آخر قطرة دم في جسده.
ونتمني ألا يتم تصعيد المواجهة التي ليس لها أي مبرر بعد أن تكشفت كل الحقائق.. فالدير ليس ديراً وإنماً مجرد "تجمع رهباني" لم تعترف به الكنيسة ولم يتبع الإجراءات والخطوات اللازمة لاكتساب الوضع القانوني.. خصوصاً أن الدولة لا تبخل علي الأديرة والكنائس بالأرض.. وأرض مصر واسعة والحمد لله.. ولا تقف الدنيا عند أرض وادي الريان.
من مصلحة الجميع في هذه المرحلة الحرجة أن يستمعوا لصوت الكنيسة.. صوت العقل والوطنية.. وأن تحل الأزمة ودياً.. وفي إطار التقاليد الرهبانية.. وقد جاء علي لسان المتحدث باسم الكنيسة أن البابا يرغب في حل الأزمة مع الرهبان لكن البعض تزعموا التمرد وهو ما لا يليق بالتقاليد الرهبانية التي تؤسس علي الطاعة والتدبير الإداري والروحي.
مصر ليست في حاجة إلي مزيد من الفتن.. ما فيها يكفيها.. وفي النهاية سوف ينتصر صوت العقل إن شاء الله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف