التحرير
ناصر عراق
التعديل الوزاري... هل سيعيد السعادة المفقودة؟
تراجعت السعادة في أرض النيل بشكل مخيف، حيث بلغ ترتيب مصرنا الحبيبة 120 من 157 دولة وفقًا لتقرير مؤشر السعادة العالمية لعام 2016، فهل تظن أن التعديل الوزاري المرتقب يمكن أن يسترد قبسًا من السعادة الضائعة ويعيدها إلى قلوب المصريين؟

لست متشائمًا بطبعي، ولكن قراءة الواقع تقول إن المشكلة لا تكمن في تغيير بعض الوزراء الفشلة حتى نسترد السعادة، وإنما في إصرار الحكومة على تركيع الطبقات المتوسطة والفقيرة وإذلالها، من خلال اتخاذ قرارات تنهب الجنيهات القليلة التي بحوزة أهل هذه الطبقات وهم بالملايين كما تعرف.




بالمناسبة... كلامي لا يدين حكومة المهندس شريف إسماعيل فقط، وإنما يفضح الحكومات كلها التي أعقبت ثورة يناير حتى الآن، على أساس أن الناس ثارت في يناير وأطاحت بالطاغية مبارك أملا في تحقيق العدالة الاجتماعية في المقام الأول، لكن ما حدث أن هذه الحكومات جميعها عملت على ترسيخ الفجوة بين الأثرياء والفقراء وتعزيزها، ولم تحاول أي حكومة -حتى بعد وصول الرئيس السيسي إلى السلطة- أن ترفق بالفقراء أو تنتبه لوجودهم أصلا.

لا تنسَ أرجوك أن السعادة لا تزدهر في قلب إنسان يشعر بالظلم، فما بالك بشعب بأسره يكابد الضيم ويلمسه في كل لحظة من اليوم؟ وما بالك بشعب ثار وانتفض وخلع طاغيتين في عامين حالمًا بالعدل والكرامة، فلم يلق سوى الجور والإهانة؟

لا مفر... يجب أن تتغير السياسات جذريًّا إذا أردنا لهذا البلد أن ينهض ويستعيد عافيته، وإذا كان الوضع الاقتصادي يربك الحكومة وميزانيتها كما تقول، فذلك لأنها حكومة مشغولة بتحقيق أهداف الكبار من رجال الأعمال ومحاسيبهم فحسب، لا حكومة ملايين البسطاء، ولتتذكر معي حكومات حازم الببلاوي وإبراهيم محلب وشريف إسماعيل... كلها مرت بمصر ولم يشعر المواطن بأي نقلة جوهرية في حياته، وكل حكومة منها وعدت وأسرفت في الوعود، لكنها لم تنجز ولم تحقق.. ولكن... مهلا لم تنجز ولم تحقق لمن؟

لقد حققت هذه الحكومات إنجازات ضخمة ونجاحات كبيرة، لكن لقلة قليلة من الذين يملكون المليارات والملايين والسلطة والنفوذ، أما الغلابة بعشرات الملايين، فلهم أن يمضغوا الحنظل ويبلعوه، أما السعادة فقد سرقتها الحكومات المتعاقبة من صدور المصريين ومنحتها بالمجان إلى رجالها ومعارفها وذويها!

باختصار شديد... السياسة انحياز... لا حياد في السياسة، فإما أن تختار الحكومة الانحياز إلى الملايين المطحونة من الشعب، وإما أن تنحاز إلى القلة القليلة التي تملك المال والنفوذ، أما السعادة، فلن تتحقق إلا عندما تشعر تلك الملايين بلمسة العدالة الاجتماعية!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف