محمد جبريل
ع البحري -كردستان دولة مستقلة!
عبر الفترة منذ مطلع القرن الماضي إلي زمننا الحالي. اقتطعت أجزاء من الوطن العربي. بتفتيتها. أو ضمها إلي دولة إقليمية. استولت تركيا علي الإسكندرية. واحتلت إيران منطقة عربستان. ثم احتلت - فيما بعد - جزر الإمارات الثلاث طنب الصغري. وطنب الكبري. وأبوموسي. وابتلعت الصهيونية أرض فلسطين. وانفصل جنوب السودان عن شماله. وأثيرت - ولاتزال - دعاوي الانفصال والحكم الذاتي التي تستهدف تحويل أقطار الوطن العربي إلي إمارات متصارعة. تخضع لتدخلات الاستعمار الغربي. أو للقوي الإقليمية المجاورة مثل إيران وتركيا. فضلاً عن الكيان الذي اصطنع دولة في قلب المنطقة.
أذكر قول عصمت إينونو - أحد زعماء تركيا التاريخيين - للصحفي الفلسطيني ناصر الدين النشاشيبي. عقب إعلان دولة الوحدة: هذا شأنكم. ما أخشاه في ظل استعادة وحدتكم. أن تطالبوا باستعادة لواء الإسكندرونة!
وعبر بن جوريون رئيس وزراء إسرائيل الأسبق. عن تخوفه من الدولة الوحيدة. وأنها تمثل - بشطريها - فكي كماشة. يحيطان بدولة إسرائيل!
التجزئة والانفصال هدف تسعي إلي تحقيقه دول الغرب وبعض القوي الإقليمية. حتي لا يستعيد الجسد العربي تماسكه وعافيته. فيتكرر ما حدث عندما ضرب العدوان الثلاثي علي مصر سنة 1956 محطة الإرسال الإذاعي في أبوزعبل. بتعالي عبارات: هنا القاهرة من دمشق. وهنا القاهرة من عمان. إلخ. وبلغت التجليات ذروتها في حرب العبور بالإسهام العربي البشري والمادي واللوجستي. بداية من إيقاف ضخ البترول. حتي المشاركة بفصائل مسلحة رمزية من الكويت والجزائر والسودان وغيرها من أقطار العرب.
المؤامرات الدولية والإقليمية لم تتوقف. وإذا كانت العراق وسوريا واليمن وليبيا - رغم المعاناة القاسية - قد احتفظت حتي الآن بتماسكها. فإن الخطر تحت الإقدام.
عقب رد قوات البشمركة الكردية إرهابيي داعش في كوباني. أعلن مسعود برزاني اعتزامه إجراء استفتاء لقيام حكم ذاتي في المناطق ذات الأغلبية الكردية بالعراق. ثم أطل الخطر - هذه الأيام - من المناطق الكردية التابعة للقطر السوري. إشارة إلي أن المؤامرات مثل النبات الشيطاني. إذا قضيت عليه في موضع ما. فإنه لا يلبث أن ينبت في مواضع أخري.
رفض الحركات الانفصالية في الوطن العربي مطلب شعبي قبل أن يكون مطلباً حكومياً. وربما تستعيد جامعة الدول العربية دورها الغائب. والمفتقد. في أمانة أحمد أبوالغيظ - بتحرك سريع وفعال نحو تحقيق إجماع عربي ضد كل محاولات التجزئة.
وإذا كانت دول افريقيا قد أجمعت علي رفض كل المحاولات التي تستهدف تقويض كيانات القارة. فإن الرفض أشد إلحاحاً في الوطن العربي الواحد. الكيان الواحد. وإن تعددت أقطاره.