محمد نور الدين
إعادة الحياة .. ل "رائد الإعلام"
تراجع "التليفزيون".. وانحسر تواجده وتأثيره.. فانحدر مستوي الاعلام المصري.. وانتشر العري والاسفاف. وسادت الفوضي والبلطجة. وتدني الحوار والنقاش. وانطلقت المزاعم والأكاذيب تتحكم في الرأي العام..وتوجه البوصلة نحو السلبية واليأس..!!
تقدم الضعفاء. وتقهقر الأكفاء.. وبالواسطة والمحسوبية اكتظ مبني ماسبيرو بآلاف الموظفين والفنيين دون الحاجة إليهم.. وبالبيروقراطية والروتين تولي المناصب الرئيسية أناس ينقصهم العلم والمهارة..ويفتقدون إلي أبسط شروط القيادة.. ومن ثم انتكس "رائد الاعلام"..وأصابه الوهن والتخلف..وبات آخر صفوف التثقيف والتوجيه..!!
لم يعد الكيان الكبير في قوته وتألقه وعنفوانه.. وهو الذي قاد يوما الرأي العام العربي.. شكل الوجدان. طور الوعي والفهم..وقاد حملات المعرفة والتحديث..وساهم في تأصيل القيم والمباديء..وكان بمثابة "أكاديمية"..تفرخ الكفاءات النادرة. والمواهب المصقلة.. التي انتقلت إلي مواقع عديدة داخل وخارج مصر.. تشارك في بناء الصروح الاعلامية العملاقة.
لقد تحول إلي مجرد "مبني".. يتحكم فيه "الأمير وشركاه".. ويسيء إليه "عزة وأمثالها" ويرهق كأهله الكسالي والعاطلون..ويبدد ميزانيته أجور وحوافزالجالسين علي المكاتب.. دون أن يقدم أحدهم عملاً جاد أو إنتاجاً متميزاً..!!
بديهي أن تستغل القنوات الخاصة.. الفرصة.. لتنفرد بالساحة.. تصول وتجول.. تتعالي وتتكبر.. تشوه وتسود.. ويتباري إعلاميوها في التنظير وفرض الوصاية.. يتسابقون لابراز السلبيات والأخطاء ويتجاهلون الانجازات والقفزات.. بل ينصبون من أنفسهم حكاماً ونقاداً وجلادين وكأنهم ملكوا وحدهم "توكيل" الذكاء والعبقرية..!!.. ساعين لتحقيق نسبة مشاهدة عالية عن طريق خرق القيم. وانتهاك الأعراف. وبث السموم. وإحداث الفتنة.. وإشعال الوقيعة بين أبناء الوطن الواحد..!!
بالتأكيد.. "انتكاسة التليفزيون" كانت سبباً رئيسياً في احتدام هذا الوضع المزري وتلك الفوضي المؤسفة.. ورغم هذا فلن يقدر علي المواجهة والتصدي لهيمنة القنوات الخاصة..وإعادة الوجه المضيء للإعلام الوطني سوي "التليفزيون المصري".. الذي أصبح من الضروري العمل والتخطيط والاسراع بإقالته من عثرته وإعادة الحياة إلي قطاعاته.
أولي الخطوات.. التخلص من القيادات الفاشلة.. ثم المبادرة بوضع منظومة متكاملة.. محددة الأهداف والوسائل.. خالية من التعقيد والبيروقراطية.. يقودها من لديه القدرة والعلم والمهارة.. الذي من حقه اختيار المعاونين الأكفاء.. ممن يواكبون بفكرهم أحدث تطورات العصر.. يقودون الرأي العام بالصدق والموضوعية.. يعيدون للشاشة رونقها بالبرامج الهادفة والأساليب المحترمة.. يسوقون بضمير حي.. لانجازات ونجاحات الدولة.. يطهرون الساحة من الدخلاء والمغرضين..!!
إن "الدولة" تبذل أقصي الجهد.. وتستثمر كل امكاناتها وقدراتها لاحداث النهضة الاقتصادية الشاملة.. وتحاول بشتي الوسائل تجسيد العدالة الاجتماعية المنشودة.. وبالتالي فهي في أمس الحاجة إلي "إعلام وطني".. يساندها ويؤازرها.. بالحقائق والبراهين.. بالنقد البناء.. بالتوجيه السليم.. وبالتصدي لحملات اليأس والاحباط.. ومواجهة اعلام الفوضي والفتنة..وتلك مهام أساسية.. لن يقدر عليها سوي التليفزيون المصري.. إن ارتدي الثوب الوطني الجديد..!!