الوطن
محمد فتحى
واسطتك والسيستم!
لا داعى للإنكار، الواسطة دخلت اﻵن فى كل شىء، بما فى ذلك حق الحياة.

أخبرنى مَن واسطتك أخبرك هل تستطيع أن تجد لابنك الوليد مكاناً فى (الحضانة) أم لا؟ وهل سيجد والدك غرفة عناية مركزة أم لا؟ وهل تستطيع ست غلبانة علاج ابنتها بالمجان فى مستشفيات الحكومة التى يتكوم الناس أمامها انتظاراً للدور أم ستموت فى انتظار هذا الدور، ولربما ماتت من علاج خاطئ أو سوء رعاية؟.

أستطيع أن أروى لك العديد من الحكايات التى ترد إلينا كصحفيين عبر تليفونات يريد أصحابها التعلق بقشة أملاً فى إنقاذ أحبابهم وبحثاً عن واسطة، كما أستطيع أن أروى لك حكايات أخرى عن الابتزاز الذى يمارسه كثيرون على السوشيال ميديا ووسائل الإعلام لو جرؤ أحدهم وقال: مفيش مكان، لينسى الجميع أن أزمة مصر فى كل قطاعاتها تتعلق بشىء واحد اسمه الإدارة.

مصر لا تحتاج إلى رئيس بل إلى مدير شاطر وكفاءات مخلصة تبحث عن حلول خارج الإطار، فلا معنى للمشروعات القومية إن لم يواكبها إنجاز يؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين، ولعل الرعاية الصحية، بل اﻷكيد، أول ما يجب أن نهتم به تحت عنوان كبير اسمه صحة المصريين. ليس من المعقول أن تعانى مستشفيات الصعيد، ﻷن اﻷطباء لا يريدون العمل قبل صرف بدل المناطق النائية الذى ألغته الدولة، كما أنه ليس من المنطقى أن يتلخص مفهوم تطوير الرعاية الصحية لدى كثيرين فى زيادة مرتبات الأطباء، وليس من المهنى واﻷخلاقى أن يكون الأطباء فى عياداتهم الخاصة بمنتهى الانتظام، لكنهم غائبون عن أداء عملهم وواجبهم فى المستشفيات، ومن العبث أن يكون الجميع من وزارة صحة ونقابة أطباء على علم بتشخيص المشكلة، لكن البيروقراطية والقوانين العقيمة والإمكانات المتأخرة تمنعهم من إيجاد الحل، ليظل الجميع متهماً بينما المريض يبحث عن واسطة ليجد مكاناً فى مستشفى أو علاجاً محترماً.

هل تعلم أن مرضى فيروس «سى» فى مصر، وأمراض الكبد بشكل عام، حزب أغلبية. وحين قررت الدولة أن تحل الملف ظهرت جهود متناثرة لكفاءات تعمل فى جزر منعزلة بدلاً من أن تتحد وتجلس على مائدة واحدة لنرى صندوق تحيا مصر يعد بحل مشكلة فيروس «سى» بحلول 2018، بينما يعد بنك الشفاء بحلها فى 2020، فيما تعمل «مصر الخير» على الملف، فى الوقت الذى تجاهد فيه وزارة الصحة لإيجاد طريق وطريقة، وفى نفس الصدد مركز أمراض الكبد فى المنصورة يبحث عن تمويل ويحلم د.جمال شيحة مؤسسه ومديره بإيجاد حل.

من نصدق إذن إذا كان الجميع يعمل (مع نفسه) دون أى تنسيق؟

الحل فى خطط حقيقية، فى ترتيب أولويات، فى بناء مراكز نموذجية ومستشفيات شديدة التخصص تدار بأساليب مختلفة عن العك الموجود اﻵن. الحل فى دعم المجتمع المدنى للقيام بدوره مع تعظيم هذا الدور والإشارة لنواحى القصور واحتياجات الناس، لنجد إلى جانب مستشفى الحروق الذى يجمع تبرعاته مؤسسة أهل مصر ومستشفى شفاء اﻷورمان للسرطان فى اﻷقصر ومستشفى بهية لسرطان الثدى مستشفيات أخرى بها حضانات تغطى عجز «أبوالريش» وغرف عناية مركزة تغطى عجز «قصر العينى»، إضافة لنظم إدارة محترمة تحافظ على كل ذلك بعيداً عن قوانين تقتل الناس بحجة استيفاء الإجراءات وانتظار الدور.

وسنعرف أن المشكلة تم حلها من قلة المكالمات التى تأتينا بحثاً عن واسطة للعلاج فى بلد لم يعد يقوم بما يجب عليه تجاه مرضاه، ولا يسعى لحل حقيقى وجذرى اسمه (السيستم).. فهل من مجيب؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف