الدراما المصرية في محنة.. هذه حقيقة يجب الاعتراف بها ولا يستطيع عاقل ان ينكرها.. انحسر انتاج المسلسلات سواء في القطاع الحكومي أو الخاص.. الحكومية لا ضابط لها ولا رابط وبعض رموزها من السابقين قيد المحاكمة بتهمة اهدار المال العام.. والقيادة الحالية مشغولة بأمور وهموم وقضايا ادارية ما أنزل الله بها من سلطان.. ولهذا أصاب الشلل هذه الجهات وأصبحت شبه متوقفه.. والقطاع الخاص تراجع وأدرك ان ملعب الهلس الذي كان يبرطع فيه لم يعد مفتوحاً أمامه.
والكارثة أنهم جميعاً.. يفكرون ويتمسكون بأسلوب نمطي لم يعد يصلح بعد ثورة يناير.. صوت القاهرة وقطاع الانتاج ومدينة الاعلام.. عليهم البحث عن نوعية جديدة من المسلسلات السباعية أو الـ15 حلقة علي أقصي تقدير بنجوم الصف الثاني.. الي جانب السهرات التي هي في حقيقتها أفلام يتم تصويرها بالديجيتال.
وبمثل هذا التفكير نبحث عن الموضوع المحترم ونعطي الفرصة لشباب المؤلفين والمخرجين والممثلين.. لأن الدراما خدمة يجب علي الحكومة ان تنفق عليها مثل التعليم والصحة وقد كانوا في ماسبيرو يصرفون الملايين علي برامج الرغي وكانت أشبه بالصحف تنتهي صلاحيتها بظهور عدد جديد من الجريدة.. بينما الدراما تعيش وتعيش والدليل علي ذلك اعادتهم لأعمال اسامة أنور عكاشة علي وجه الخصوص لأن فيها وطنية وعمقاً ورؤية بعيدة.. وكانوا يخجلون من إعادة مسلسلات المخدرات والهجص والدلع الماسخ ومطاردة المتصابي العجوز لمراهقة في عمر أحفاده.
لهذا يجب العمل علي دراما جديدة.. يحكمها أولاً وثانياً وعاشراً قوة الموضوع وأهميته.. وبلادنا الآن في أشد الحاجة لفن نبيل ثوري يأخذ بيدها وينمي الوعي عند المتفرج ويضعه في بؤرة الاحساس بالمسئولية تجاه وطنه ونفسه.
والخبير الفاهم يعرف ان الاعتماد علي السوق العربية أصبح وهماً في ظل ما يحدث من غليان في معظم الدول.. وهذا هو سر تراجع القطاع الخاص الذي يخشي المغامرة بما له وهذا حقه.. إلا إذا فكر المنتج في الموضوع المشترك وبمشاركة نجوم عرب يمكن التسويق بهم في بلدانهم.. وليس العكس كما فعل البعض.. عندما أعلن استبدال العرب بمصريين بحجة خفض النفقات واعطاء فرص العمل لأبناء البلد.. وهو كلام ساذج قد ينطبق علي وظيفة.. لكن في الفن.. الموهبة تتجاوز الحدود وتفرض نفسها.. والخلاصة إذا كانت ورقة الخلاص بالنسبة لبعض الشعوب العربية الاستعانة بقوات التحالف.. فان طوق النجاة للدراما لن يكون إلا بالموضوع المناسب الغني بقيمته الأدبية.. والذي يتم تنفيذه بميزانيات معقولة تستطيع أن تغطي نفسها مادياً من اعلانات العروض المحلية وبذلك تكتسب أرضاً جديدة وتضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.