نصف الدنيا
خلود أبو حمص
نحن من صنع داعش
أدواعش نحن يا إخوتى؟ بخنوعنا وسكوت عن الظلم مقيت

أدواعش نحن يا عزوتى؟ بقبليتنا وتكفير للوجه الآخر سقيم

أدواعش نحن يا زملائي؟ بتبريرنا وتعاط لأفيون المؤامرة عقيم

أدواعش نحن يا ربعي؟ برؤوسنا وضمير كنعام تحت الرمال دفين

أدواعش نحن يا ملتي؟ بإفلاسنا وفكر›وافق شن طبقه› اللعين

نعم لنعلم علم اليقين أننا نحن من صنعهم بسكوتنا عن الظلم ومشاركتنا بالفساد المستشرى فى بلادنا. كل الأطراف الفاعلة فى الشرق الأوسط تتهم الطرف المعادى لها بدعم داعش وأنها المسؤول عن قيامه ونتهرب من حقيقة أننا كلنا مسؤولون. هيئنا البيئة الأمثل لهذا العفن الاجتماعى بانهزامنا الفكرى والمعنوى الذى تراكم على مر السنين. ليس أبو مصعب الزرقاوى أو أبو بكر البغدادى أو العراق أو سوريا أو إسرائيل.. نعم هذه العصابة ليست إلا النتيجة المنطقية للسياسة والصراعات الأمريكية/الروسية والابن غير المعترف به، ولكن إصرارنا على غسل أيدينا من المسؤولية يدل على انهزامنا وأننا نفضل العيش فى عالم ألف ليلة وليلة

نحن من صنع داعش بجهلنا، عندما قبلنا أن نكون أمة غير قارئة وعندما ربطنا العلم بالشهادات الأكاديمية، حطمنا الرقم القياسى بعدم إقبالنا على القراءة. وخلقنا فقاعة حولت الجهل إلى إرهاب.

نحن أمة ربطت الدين بحفظه بدلا من فهمه، وتشبثنا بالمظاهر والمراسيم وأهملنا الجوهر والروح، ولم نفقه أن كل الأديان هى حسن المعاملة والأخلاق وقمة التعامل الإنسانى، ومتى غابت، غابت الأديان. بالغنا بفكر الترهيب والترغيب ولم نربِ أجيالنا على الحب من أجل الحب، على الاحترام من أجل الاحترام بدون خوف من العقاب أو طمعا فى مقابل. ربطنا الإسلام بوصمة قطع الرؤوس والتنكيل والتهجير.

نحن من صنعنا داعش بإصرارنا على تهميش المرأة ولم نفقه أن ‹ الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق. همشنا نصف المجتمع وغيبنا أهم مدرسة للأجيال. نحن من دعمهم وموّلهم بتعصبنا الأعمى لكل شيء وأبدعنا فى فى كل ضروب التعصب؛.التعصب الكروى،التعصب القومى،التعصب الدينى والطائفى،الخ فحدِّث ولا حرج.

مسلم /مسيحى، سنى /شيعى، مارونى /كاثوليكى، فلاح /مدنى، بنت/ ولد، شمالي/ جنوبى. وبالرغم من تعصبنا، وبكل فخر نعانى من عقده نقص الأجنبى، ونتعامل بأن له قيمة تفوقنا فقط لكونه أجنبيا، فالأعلام الفرنسية التى رفعت بعد التفجيرات الأخيرة فى فرنسا هى أكبر دليل على داعشيتنا، ماذا عن الأرواح التى أزهقت فى لبنان، مصر وفلسطين والعراق وسوريا فى نفس الأسبوع، ماذا عنهم، لماذا لم ترفعوا أعلام دولهم، لماذا لا نطبق تعصبنا عندما يتعلق الأمر باحترام أرواحنا .

يوجعنى ما أراه الآن على جميع وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى، بيوت تهدم وأطفال يعدمون ونساء ينحرن، وموضع قطع الرؤوس، وكلها تشويه لقيمنا وحضارتنا كعرب ومسلمين.

الكل يضيع الوقت والطاقات فى نقاش عقيم حول من يقف وراء داعش ! المهم هو من يقف أمام داعش ويتصدى لهم بغض النظر عن من يقف وراءهم ويدعمهم، الوقوف أمام داعش لن يأتى فى يوم وليلة بل هو رحلة طويلة تحتاج إلى الشجاعة بمراجعة أنفسنا وأن نرفع صوتنا عاليا وواضحا ضد الجهل والقتل وتشويه الدين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف