عباس الطرابيلى
هموم مصرية- لماذا.. وزارة للإعلام؟
أسباب عديدة وراء عودة الحديث عن ضرورة إحياء دور وزارة الإعلام.. وأهمية وجود وزير قوي يشغلها.. بالذات في هذه الفترة شديدة الأهمية والخطورة.
ربما هذا الخلل الواضح في المنظومة الإعلامية من صحافة وتليفزيون، بل وفوضي رهيبة في عدد القنوات الفضائية.. رغم انني ضد تقييد شروط إصدار الصحف.. وأيضاً شروط إطلاق هذه المحطات.. ولكنني أري الضرورة لأسباب أخري عديدة.
<< مثلاً كنا في المجلس الأعلي للصحافة في عهد الرئيس «مبارك» نطالب بحرية إصدار الصحف، وتخفيف القيود عليها وقد كنت عضواً بهذا المجلس أكثر من عشر سنوات. الآن رغم انحسار هالة الصحف الورقية.. نجد «فوضي إعلامية» عندما أطلقنا حرية إصدار الصحف.. تماماً.. كما كنا نعاني- في السابق- من قيود إنشاء الأحزاب.. فلما أطلقناها.. نجد عندنا الآن حوالي 100 حزب علي الساحة!
ونفس الوضع في القنوات الفضائية التليفزيونية- ليس في مصر وحدها ولكن في كل دول الربيع العربي، حتي ليبيا فيها الآن وهي دولة غير موحدة الآن بل تغيب فيها كل مقومات الدولة.. تعاني الآن من وجود عشرات القنوات الفضائية.. واليمن والعراق كذلك.
<< وفي السنوات الأخيرة بعد دخولنا عصر الفيس بوك، والنت، وتويتر وبعد دخول الإعلام عصر الصحافة الإلكترونية.. أصبحنا نجد كل من هب ودب ينشئ موقعاً.. وهات يا بث صحيحاً كان أم غير صحيح.. وبالتالي فإن مهمة وزارة الإعلام- ان عادت- أصبحت ثقيلة للغاية، خصوصاً بعد أن دخل المال السياسي- وسادت سطوته- المجال الإعلامي، وأصبح صعباً ان لم يكن مستحيلاً إعادة العفريت إلي المصباح، وربنا يرحم «علاء الدين»، أو بات صعباً أن نطبق مقولة.. من أحضر العفريت.. عليه أن يذهب به!
ولكن لماذا أري دور وزارة الإعلام بات صعباً للغاية.. ولماذا أصبحت هناك ضرورة لها.. بل وضرورة ملحة.
<< بداية نعترف ان غياب قانون- قوي ومؤثر- ينظم المنظومة الإعلامية من أهم أسباب الخلل الإعلامي الحالي ولا ندري لماذا يتأخر صدور مثل هذا القانون.. خصوصاً وأمامنا نماذج ناجحة لتدخل الدولة تشريعياً في ذلك، بالذات في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.. نقول ذلك لأن دور أي نقابة إعلامية كما هو الآن في مصر أخيراً «للإعلاميين» ونقابة الصحفيين العريقة يقف كثيراً عند دور الواجب الاجتماعي والخدمي للأعضاء أكثر من الدور السياسي القومي «الذي كان». وربما يكون السبب ان عندنا «ميثاق الشرف الصحفي» وبه من الضوابط والأحكام ما يصلح كثيراً مما اعوج من سلوكيات بعض الصحفيين.. ولكن العيب ليس في الميثاق.. ولكنه في تطبيقه.. لأسباب عديدة في مقدمتها المحافظة علي الأصوات، في أي انتخابات نقابية. والخوف من أي تطبيق أو عقوبات تنال المخطئين.. وبذلك وجدنا عقبات حقيقية أمام تطبيق ما جاء في هذا الميثاق وهو بالقطع يحمي المهنة حتي من الانزلاق.. ويحافظ علي كرامتها.. وكرامة كل من يعمل بها.
<< وإذا كانت الانتخابات «تكبل» أيدي راغبي الإصلاح في النقابة فإن الأمر يختلف كثيراً في دور ومهمة المجلس الأعلي للصحافة رغم ما فيه من كفاءات رائدة وعريقة.. إلا أنني أري أن دوره هو الآخر تكبله الكثير من المعوقات. ولا أعرف هل يسبق اعدادنا لقانون جديد ينظم «وينقي» العمل الإعلامي، هل يسبق ذلك تعيين وزير للإعلام.. أم يتولي هذه المهمة الوزير القادم.
أنا نفسي أتمني إطلاق حرية الإعلام.. ولكن وفق قواعد واضحة.. تضع حداً للفوضي الحالية، في كل مناحي الإعلام.. ولكنني أري في عودة وزير الإعلام ضرورة الآن.. قبل أن ينفلت الزمام أكثر وأكثر.. بل وأقولها صريحة «قبل أن تجد الدولة نفسها مضطرة لاتخاذ اجراءات قد تحد من حرية الإعلام.
<< احسموا الأمر.. فالوضع أصبح سيئاً للغاية.. وبيدكم يا إعلاميين.. قبل وأفضل من يد السلطة!