عباس الطرابيلى
هموم مصرية -حماية المستهلك.. وإعلانات المحمول!
رضينا بالهم.. والهم مش راضي بينا! وهنا تنطبق مقولة شاعر العامية الأشهر بيرم التونسي عن سطوة المحليات زمان- وكان اسمها المجلس البلدي.. إذ قال:
يا بائع الفجل بالمليم واحدة
كم للعيال.. وكم للمجلس البلدي!
نقصدكم لطعام العيال الآن.. وكم لشركات المحمول.. وأكثرها أجنبي التمويل والأرباح.. وكله يذهب للخارج!
<< ولكننا نفاجأ أحياناً كثيرة بتليفون المحمول يرن، وقد تكون مشغولاً.. ولكنك تجد نفسك مضطراً للرد، خصوصاً وانها أرقام مميزة.. وتفاجأ بصوت رخيم، ناعم، أنثوي يقول لك اسمك وصفتك.. ثم تتبع ذلك بقولها إحنا ياسيدي الشركة الفلانية.. نبيع كذا، أو نقدم خدمات تسويق لسلع معينة.. وبعضها شقق في لندن أو قبرص أو كندا.. وتبدأ هذه الإعلانات بعرض شركات تنقية مياه الشرب إلي أفخم شركات الملابس العالمية.. ولما كنت غالباً أرد علي هذه المكالمات احتراماً لمن طلبني.. فإنني أترك ما أقوم به.. لكي أرد، ولما تكررت هذه الإعلانات.. وجدت نفسي أرد بعنف وأسب وألعن أبوالمحمول الذي يقتحم خصوصياتنا.. وربما بعد منتصف الليل.
<< هنا أسأل: من الذي يبيع أرقام تليفونات المشتركين، بل وأسماءهم لشركات الإعلانات.. وهل هذا البيع سليم قانوناً! يعني كان يمكن أن نقبل اتصالاً عشوائياً- أي تطلب شركات الإعلانات أي أرقام ولكن لأن ما يجري جريمة.. فإن «البائع» هنا وهي شركات المحمول تبيع الأرقام.. وأسماء أصحاب الخطوط.. تري ماذا يحدث إذا رفع أي مشترك دعوي قضائية يتهم هذه الشركات المالكة والمشغلة للخطوط ببيع ما ليس حقاً لها.. ودعوي أخري تتهم شركات الإعلانات باقتحام خصوصياتنا هل نكسب هذه القضايا! أعتقد ذلك، وإذا لم يكن ذلك التشريع موجوداً.. لماذا لا نضع قانوناً لمنعه.. وبالذات لاقتحام خصوصيات مشتركي المحمول.
<< وقد يقتحم هذا الصوت الأنثوي الذي تم اختياره بعناية وحدتك فضلاً عن خصوصيتك ليعرض عليك نظاماً للتأمين علي الحياة.. هنا أفاجئ صاحبة الصوت اللي يفلق الحجر.. بأن عمري تجاوز الثمانين وبالتالي لن تقبل أي شركة تأمين.. التأمين علي حياتي.. وقد يكون الرد أن تغلق الطالبة الخط.. غاضبة ان ضاع وقتها.. وقد يقبل صاحب الخط أن يطول الحوار.. إذ ربما.. ولعل وعسي.. طيب وماذا أخسر لو تحدثنا قليلاً.. أليس ذلك دعوة لسوء السلوك؟
وقد يقول قائل: نحن نتقبل الإعلانات علي التليفزيون.. ولكن المشاهد يجد نفسه مرغماً علي متابعة هذه الإعلانات، ليستمر في متابعة برنامج يحبه.. أما أن تقتحم شركات الإعلانات حياتنا بهذه الطريقة.. فهذه جريمة أطرحها علي جمعيات حماية المستهلك لكي توقف هذه المهازل.
<< وربما لهذه الأسباب نجد كل المسئولين- وبعض كبار الشخصيات تطلب من شركات المحمول وضع أسمائهم وأرقامهم في قائمة الشخصيات الخاصة التي لا تعرف أصحابها، إذا طلبوك علي تليفونك- ليس فقط لحماية خصوصيتهم ولكن أيضاً حتي لا تعرف أرقام من طلبوك.. ولكن إذا كان هذا متاحاً للشخصيات الهامة.. فهل هذا يسمح لشركات المحمول، أن تبيع قوائم أسماء وأرقام تليفونات كل المشتركين.
بل نجد بعض شركات الإعلانات تبيع عملاءها وأرقامهم لتجد علي محمولك إعلانات تحض علي الهجرة إلي كندا واستراليا وقبرص وتقدم تسهيلات الفيزا وتملك الشقق والقصور.. وأيضاً إعلانات عن تخفيضات هائلة علي الأسعار داخل وخارج مصر.
<< هنا لابد من تشريع جديد أو إضافة لقانون الجنايات.. وليس الجنح فقط.. بالذات لحماية الخصوصية، وهي جرائم لم تكن موجودة في ظل القوانين القديمة.. فهل هذا هو حقنا عند جمعيات حماية المستهلك وأليس هذا «الملعون».. المسمي بالمحمول سلعة تخضع لما تخضع له كل السلع الأخري.. لماذا لا نتحرك الآن.. خصوصاً وأن هناك جرائم أخلاقية تقع باستخدام هذا المحمول.
أتمني أن نري تشريعاً عاجلاً لحماية خصوصيات العملاء