أحمد معوض
كلمة ونصف .. طبيب في الرئاسة
واهم أنت يا من تتخيل أن في مصر إدارة لامركزية. وأن هناك مسئولاً مهما علا شأنه إلي درجة وزير أو رئيس وزراء يستطيع أن يتخذ قراراً من تلقاء نفسه دون الرجوع إلي الرئيس. هذا إن فكر هذا المسئول أن يتخذ قراراً من أصله!
الكل ينتظر الأوامر من الكبير. الإدارة مركزية إلي أبعد حد. وهذا بالطبع ليس في النظام الحالي. ولكنها سمة متأصلة في النظام المصري منذ عشرات السنين. الكل ينتظر الإشارة. الكل ينتظر الرئيس يخطط له ويختار له ويوجهه لعمله المفروض أنه مسئول عنه. حقيقة يجب الاعتراف بها أن المسئول عندنا غير مسئول. بل هو متواكل. يتواكل علي الرئيس في كل صغيرة وكبيرة. وأنا هنا لا ألوم الرئيس. فأي إنسان في الوجود يريد في الحياة من يساعده عليها ويعينه علي قسوتها. هذا شأن الإنسان العادي. فما بالكم برئيس دولة يتعلق في رقبته الملايين؟!
أقول ذلك لمن يعتقد أن الحكومة كان لها دور في كشف قضية الرشوة المتهم بها وزير الزراعة السابق صلاح هلال أو من يعتقد أن رئيس الحكومة المهندس شريف إسماعيل هو من طلب من وزير العدل السابق أحمد الزند تقديم استقالته أو لا سمح الله أقدم علي إقالته.
القرار قرار الرئيس. ومن يري أن إقالة الزند كانت خطأ. وأن زلة لسان الرجل. التي اعتذر هو نفسه عنها. لم تكن زلة وأنه من الناحية اللغوية والدينية لم يذنب في حق الرسول محمد ـ صلي الله عليه وسلم ـ فعليه أن يكون صريحاً مع نفسه ويقول أخطأ الرئيس وليس أخطأت الحكومة وخسرت رجلاً وطنياً مثل الزند علي قول البعض.
إن لم يكن الرئيس يري أن الزند أخطأ وخطأ جسيماً يضاف إلي أخطاء سابقة ليتخذ قراراً بإقالته قبل أيام من إجراء تعديل وزاري كان الكل ينتظره وقت اتخاذ قرار الإقالة.
وقبل أن أترك النقطة هذه أحب أن أوضح أن ثمة فارقاً كبيراً بين أن يقول الرسول الكريم "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت. لقطع محمد يدها" وبين أن يقع الرسول في خطأ. فإنه معصوم من الخطأ. وما ينطق عن الهوي. إذاً فالمقارنة هنا ليست في محلها. فمحمد نبي وفاطمة إنسانة كسائر البشر. يمكن أن تخطئ.
وفي إطار الحديث عن الأخطاء أري أن النظام الحالي تعلم من أخطاء النظام السابق حيث لم يهمل أبداً ولم يستخف بنبض الشارع الالكتروني ومن الواضح جداً أنه خصص من الأطباء المتمرسين فريقاً لقياس نبض المصريين علي مواقع التواصل الاجتماعي وإرسال التقرير إلي مؤسسة الرئاسة حتي تصف الحكومة العلاج المناسب.