التحرير
سامح عيد
التعديل الوزاري.. المكنة مش حتطلع قماش
خمس سنوات وهذا الشعب صابر يأمل وينتظر حالة انفراج الأحوال ابتداءً من المجلس العسكري إلى محمد مرسي إلى عدلي منصور إلى السيسي مع حفظ الألقاب للجميع، وحمدنا الله على اكتمال خريطة الطريق بدستور ورئيس وبرلمان، ولم يتبق إلا المجالس المحلية، يحيينا ويحييكم ربنا، وكنا نعول على الاستقرار، وأن كل ما مضى كانت فترات انتقالية، حتى الوزراء لم يكونوا يستقرون في أماكنهم فترة كافية، وكنا نتحدث عن الأيدي المرتعشة.

وكانت آمالنا معقودة على حكومة قوية مستديمة تستطيع الإنجاز مع مجلس النواب الجديد، ولكننا فوجئنا بالتعديل الوزاري البارد، الذي تم بشكل سري وتكتم شديدين، ولكنه جاء مخيبًا للآمال، فالأسماء التي استوزرت بعضها غير معروف على الإطلاق بالنسبة للرأي العام، وبعيدًا عن الأحاديث التي تواترت عن أن ثلاثة منهم قادمون من القطاع الخاص، وكلام عن مؤهلات وزير الطيران وخبراته، وغيرها من الأمور، ولكن في النهاية يأخذون فرصتهم، وإن كان الوقت يداهمنا، ولا يتحمل الأمر تجارب ولكن ما باليد حيلة، لقد هرمنا، كل الشعب هرم من الأحوال التي مرت به في السنوات الماضية، ولكن بعيدًا عن القادمين الجدد، فإن عددًا من الوزراء الباقين لديهم مشكلات كبيرة، فبعيدًا عن وزير التموين الذي أخفق في عدد من الأمور ووزير الداخلية والمصائب التي توالت في فترته، ولكن بشكل خاص وزير التعليم ووزير الصحة ووزير الأوقاف علامات استفهام كبيرة، لدرجة اضطرار السفير حسام القاويش المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء إلى محاولة التبرير، بخصوص وزير التعليم والصحة، وقال إن لديهم رؤية عالية ومقبولة من رئيس الوزراء.



وقال «القاويش»، في مداخلة هاتفية لبرنامج «90 دقيقة»، عبر شاشة «المحور»، إن وزير الصحة خلال 6 أشهر كان له تصور كامل عن تطوير منظومة الصحة (يا سلام) ، ومجلس الوزراء رحب بها، كما أن رؤيته عالية ومقبولة من المهندس شريف إسماعيل، وكذلك وزير التعليم قدم برنامجًا لتطوير المدرسة والمناهج.

وتابع: «اخترنا التشكيل القادر على تنفيذ رؤية الحكومة ولديه نجاحات علمية وعملية في مجالاتهم»، هكذا تحدث القاويش، يتحدث عن نجاح باهر لوزير الصحة لا يراه أحد غيره، ويرى أن لديهم رؤية، وأخطر شيء أن نسير برؤية وزراء، لأنه لو القضية ماشية رؤية وزير، يبقى حتتغير الرؤية مع مجيء وزير جديد، وهذه هي معايير الفشل الناجع، الرؤية تكون رؤية دولة ورؤية نظام، من خلال مؤسساته الفكرية والعملية، ويكون دور الوزير هو القدرة على تنفيذ تلك الرؤية بنجاح وكفاءة، فالرؤية لا يصنعها فرد حتى لو كان الوزير ولكن الرؤية يصنعها فريق متكامل متخصص، بعد جهد وجلسات استماع وتقارير وأبحاث وتحليل، خاصة أن وزير الصحة لديه مشكلة مع وزارته كلها، من سيساعده، وهو محول للتحقيق من قبل النقابة، كيف سيعمل وسط أجواء رافضة.



وبالنسبة للتعليم لا تزال فضيحة حذف اسم البرادعي من المناهج مدوية، والتبرير بأنه كان بناء على طلب الأهالي كان عذرًا أقبح من ذنب، بخلاف فضائح أخرى، حتى رئيس الجمهورية لم يفكر أن يأخذه معه في رحلة اليابان، رغم أن هدفها الأساسي تعليمي، والتعليم والصحة أخطر وزارتين على الإطلاق، ويحتاجان إلى حل، بعضه عاجل على الأمد القصير، وبعضه على الأمد المتوسط والبعيد، برؤية وبحركة دؤوبة ومستمرة، ولا أعتقد أننا سننتظر خيرًا من هاتين الوزارتين، حتى لو كانوا أكفاء كما يدَّعي مجلس الوزراء وكل الخبراء قالوا لا نهضة حقيقية دون نهضة تعليمية.

فكرة الحكومة ماتتلويش دراعها اللي قالها بطرس غالي في نظام مبارك، وكانت فلسفة مبارك قائمة على ذلك، ولذلك فأكثر وزير استمر هو فاروق حسني، لأنه كان يستبق كل تعديل وزاري، بتصريحات تثير جدلاً كبيرًا ومطالبات بعزله (مرة عن الحجاب ومرة عن الزواج معناه امرأة واحدة، ومرة إشادته بالاستعمار الفرنسي على مصر)، فيكون استمراره هو الاختيار المؤكد للنظام، حتى استمر 20 سنة كاملة (نظرية الدولة مايتلويش دراعها) لا أعرف إن كان ذكاء منه، أم أنها صدفة كانت تخدمه، فيبدو أن الحكومة تسير على نهج أسقط نظامًا، ولكن يبدو أنه لا يتعلم أحد من أخطاء السابقين، ولكني أبشركم أنكم حكمتم على الحكومة بالفشل وأنها ستدخل في دوامة لن تخرج منها، لأن المجلس سيوافق بشكل إجباري على الحكومة، لأن البديل بشكل مؤكد هو حل البرلمان، ولذلك فسيقبل البرلمان رغم أنف الحكومة، ولكني أعتقد أنه قبل أن يعود النواب أدراجهم، ستكون الوسائل البرلمانية الأربع المخولة للبرلمان وهي: أسئلة، استجوابات، طلبات إحاطة، تشكيل لجنة لتقصي الحقائق موجودة في غرف المجلس، بمعنى أن هذه الحكومة حتتشرد بمعنى الكلمة، ولن تستطيع رد الضربات التي تتلقاها من كل جانب، وربما يحدث كما حدث مع جودة عبد الخالق أمام مجلس الإخوان، تعدى باللفظ، الذي ربما يصل مع انفعال الوزير أن يصل إلى تعدٍّ بالأيدي، ولذلك فإني أعتقد أن المكنة مش حتطلع قماش، لإن البرلمان سينشغل بمعارك محتدمة مع السلطة التنفيذية، التي جاءت رغم أنفه.



بس على فكرة لو المجلس ده جدعان وبيفهموا، يقدروا يرفضوا الحكومة، لإن حركة حلفان اليمين قبل اعتماد الحكومة من البرلمان، فيها استهياف لهذا البرلمان بالمعني المصري (راس كرنبة) وإهانة أمام الشارع المصري من السلطة التنفيذية، ويقدروا يردوا تلك الإهانة برفض البرلمان للحكومة، ويضعوا لايحة سهلة جدا، 600 عضو على 30 وزيرًا، يعني كل 20 مقعدًا ليهم وزير، طبعًا فيه أربع وزارات خاصين برئيس الجمهورية مافيش كلام، فالحزب الذي لديه 60 مقعدًا كالمصريين الأحرار يكون من أحقيته 3 وزراء، وهكذا، حب مصر لو ليها 200 مقعد تاخد عشر وزراء، والأحزاب الصغيرة وكذلك المستقلون يجمعوا بعض وكل عشرين مقعدًا يختاروا وزيرًا، وبالنسبة لشخصية رئيس الوزراء تكون شخصية اقتصادية مهمة وتوافقية، وليكن هشام رامز مثلاً، إن شالله يكون الجنزوري، ويا سلام لو جابوا شخصية سياسية شابة يتوافقوا عليها، تكون ضربة في الجون، أحمد سعيد مثلا، فهو في حب مصر، وفي نفس الوقت مصريين أحرار، وفي نفس الوقت لبق ومتحدث وسياسي، المهم يفكروا ويخططوا ويتناقشوا ويصلوا لاتفاق، مايستسلموش للإهانة، وفي تلك اللحظة سيستفيق الشعب لهذا البرلمان ويهلل له، ويزيل عنه كل السمعة السيئة التي لحقت به في الأسابيع الماضية، وسيشعر أن هذا برلمان الشعب وليس برلمان الرئيس، وأنه قادر على الرقابة والتشريع في نفس الوقت.

لماذا يصمم الرئيس على شيل القفة اللي بودنين بمفرده، اختياره الكامل للحكومة دون تشاور سيجعل أخطاء الحكومة كلها تحمَّل عليه، لأن اختيارها قائم عليه، وماحدش يستخف بعقولنا ويقول اختيار شريف إسماعيل.

نتمني بصدق النجاح للرئيس والحكومة في الفترة القادمة، لأن كلفة الفشل عالية، والقربة المخرومة حتخر علينا كلنا مش على اللي شايلها بس.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف