جمال زهران
ضوء أحمر .. الحوار مهم.. حتي مع الشياطين.. لتحريك الحياة السياسية
تابعت باهتمام بالغ لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي مع ٢٤ شخصية مهمة ـ بغرض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف معهم أو مع بعضهم ـ صباح يوم الثلاثاء ٢٢ مارس الماضي، والذي استمر أكثر من ٣ ساعات أي (١٨٠) دقيقة، تحدث فيها الرئيس حوالي (٣٠) دقيقة، وتحدث المدعوون (١٥٠) دقيقة، أي أن كل شخص تحدث نحو (٦) دقائق، عليه أن يقول فيها واقع ما نعيشه وطريق الخروج منه، وقد لفت نظري عدة نقاط أوجزها فيما يلي: ;pأولا: هذا هو اللقاء الثاني بين الرئيس وعدد من «المثقفين» حيث جري اللقاء الأول في ديسمبر ٢٠١٤م (بعد ٦ أشهر من تولي الرئيس الحكم)، وحضره (٢٥) شخصا، وكتبت مقالا في هذا المكان يمكن الرجوع إليه، حيث يلاحظ ان نحو ٥٠٪ من الأشخاص قد تغير، وهو عنصر ايجابي، بينما ضم اللقاء أشخاصا يحظون باحترام المجتمع، وآخرين ليسوا كذلك.
كما أن وفد الحضور ضم عددا محدودا من الشخصيات المناهضة والكارهة لثورة ٢٥ يناير، بل أقسمت علي الدستور، وهي مصرة علي انتهاكه برفض هذه الثورة واعتبارها مؤامرة، ولولاها ما حظي هؤلاء بلقاء حاكم البلاد ورئيسها الشرعي .ومثل هذه الشخصيات هي عبء علي اللقاء وعلي الرئاسة، يجب التخلص منه. وهناك من الشخصيات من كانوا في لقاءات الرئيس مبارك قبل الثورة بشهر واحد، وخرجوا من لقائه يسبحون بحمده ونعمه! ولما قامت الثورة ركبوا الموجة دون مبدأ أو التزام، فكيف يوثق في هؤلاء كمثقفين الأصل في وصفهم بأنهم أصحاب رسالات ومبادئ وقيم ونماذج للأجيال القادمة، ومكانهم في مشهد السلطة علي يسار النظام دائما، باعتبارهم ضمير الأمة والساعين للتغيير وليس لتغيير الطلاء (الألوان)! ومن هنا تتقدم المجتمعات طبقا لما ينشده الرئيس كما تحدث بشأنه.
ومن هنا فإن الدعوة قائمة بضرورة تحديد من هو المثقف الذي يتم الترويج للقائه وأقرانه مع السيد الرئيس، ليكون اللقاء علامة فارقة، وإلا فلتقولوا لي ما حدث بعد اللقاء الأول منذ أكثر من (١٥) شهراً؟! هل حدث التغيير الحقيقي المنشود، أعقاب ثورتين هما ثورة ٢٥ يناير، ٣٠ يونيو؟! أم حدث إعادة إنتاج للقديم؟!
كما أن الأمر يحتاج إلي تجديد نخبة المثقفين الذين يقابلون الرئيس، وليس نفس الأشخاص، وإلا فإن هذه اللقاءات تفقد أهميتها وتفقد مصداقيتها لدي جماهير الشعب المصري. وتكون النتيجة ضياع الوقت، الذي يقول بشأنه الرئيس: «ماعندناش وقت نضيعه». ولمن يريد التأكد من ذلك، فليقرأ ما كتب علي صفحات التواصل الاجتماعي ليعرف ردود أفعال هذا اللقاء الثاني الذي جمع بين من يسمون بالمثقفين وبين السيد الرئيس!
ثانيا: حول مضمون اللقاء، فهو من الأهمية، وتضمن عددا من الرسائل المتبادلة سواء من الحضور أو من الرئيس. وباعتبار أن التغطية الإعلامية حتي كتابة هذا المقال، ركزت علي ما قاله الرئيس، ولي أن أتخيل ما دار علي ألسنة الحضور بعيدا عن كلمات المجاملة التي قد تصل إلي النفاق كما هو معتاد في هذه اللقاءات. حيث ركزا لرئيس علي عدة نقاط من أهمها: أن «ثورتا» الشعب المصري قضتا علي احتكار السلطة أو البقاء فيها ضد إرادة الشعب، وأن القضاء علي احتكار السلطة هو أعظم إنجازات ثورتي المصريين. كما قال: أكافح من أجل الاستقرار ومن أجل استقلال القرار الوطني، وقال: «أنا لست رئيسا لمصر، أنا ابن مصر.. أؤمن بالحوار والمشاركة، وعلي الجميع أن يضعوا أيديهم معي لنطور مصر ونغيرها». كما قال: «مصر خربت تماما في عصر مبارك، وكل المؤسسات في مصر متصدعة والإعلام فيه عوار كبير». كما قال: «حريصون علي التوازن بين الحقوق والحريات والاعتبارات الأمنية»، كما قال أيضا: «لست ضد تعديل قانون التظاهر لكن مع مراعاة الحفاظ علي استقرار البلد». كما طالب المثقفين الحضور، بتجسير الفجوة بين التنظير والرؤي وبين الواقع العملي، ثم دعاهم لتشكيل مجموعات عمل للتباحث ووضع الحلول بشأن القضايا والتحديات الوطنية ومواجهة الفقر والإرهاب، ودعم حرية الرأي، وختم بالقول: «في انتظار توصياتكم».
وفي ضوء هذه العناوين التي استخلصتها علي لسان الرئيس، فإن العبء كبير ويحتاج إلي مد الجسور وأيادي التعاون لتحقيق التغيير المنشود، وهنا أقول لرافضي ثورة ٢٥ يناير ٢٣ يوليو من قبلها: كيف تحملتهم كلام الرئيس عن ثورتي الشعب المصري؟
ثالثا وأخيراً: إنني أري في هذا اللقاء، بادرة طيبة لابد من استمرارها وتغيير النخب والشخصيات، لتوسيع دائرة الحوار، ويشعر الجميع أن الرئيس يسمع الجميع، حيث أشاد جميع الحضور بالرئيس وعقبوا: الرئيس استمع لنا بصدر واسع وصبر ودون غضب. ولذلك فإن أهمية هذا اللقاء تنحصر في استمرارية التواصل بين القيادة السياسية وبين المهتمين بالحياة العامة وشئون الوطن، لتحريك الحياة السياسية التي تواجه ركودا غير مسبوق، فالحوار مهم حتي لو كان مع الشياطين من أجل مصلحة الوطن. ومازال الحوار متواصل.