الأهرام
سامى فريد
واقعنا الإعلامى فى عصر التكتلات الكبرى
هل يمكن أن يختلف واقع اعلامنا عن حقائق واقعنا؟ سؤال لا بد أن تأتى إجابته قاتمة ومتشائمة فالمشهد العربى الراهن فى واقعه صورة بالفعل قاتمة لاعلام يسوده التعتيم. وفى كتابه الرئيس «الثقافة العربية وعصر المعلومات» يلخص الدكتور نبيل على بعض ملامح المشهد الراهن للاعلام العربى الحزين فيقول إننا لا نزال نرزح تحت سياسات اعلامية تشكو من انفصام حاد بين الغايات والامكانات وبين الشعارات والممارسات.. اعلام عاجز عن تحقيق أى نوع من التكتل الاعلامى لأنه يرتبط عضويا بذلك الفشل فى إحداث أى نوع من التكتل السياسى وذلك نتيجة طبيعية لتبعية الاعلام والسياسة, هذا إضافة الى ذلك القصور الشديد فى البحوث النظرية فى مجال الاعلام مع وجود تلك النصوص الدستورية التى تؤكد مبدأ حرية التعبير وحرية النشر وهى نصوص أفرغت من مضمونها بعبارات ناسفة تذيلها مثل «بما لا يتعارض مع المصلحة العامة» أو «وبمقتضى القانون» وكأن القانون قد أصبح فوق الدستور!

ثم ذلك التسرب الواضح لمشاهدى التليفزيون وبعض قراء الصحف إلى منافذ الإعلام الأجنبية لما قد ظل راسخا فى يقين البعض من فقدان الثقة فى الاعلام المحلى رغم بعض المحاولات الجادة والنشطة لنسف هذه الصورة وتغييرها ويكفى دليلا على هذا الحال مساحات البث الاذاعى العربى الهائلة التى تسيطر عليها هيئة الاذاعة البريطانية, هذا إلى ما لايزال بيننا من صحافة رسمية مازال البعض يعتبرها نموذجا لصحافة الولاء مع اذاعات موجهة لا يسمعها أحد ووكالات أنباء ترسل أخبارها التى لا يستقبلها الا أقل القليل وعلى الرغم من وجود 22 وكالة أنباء عربية فلا تزال وكالات الأنباء الغربية تستأثر بالساحة العربية.

ويزيد المشهد قتامة غياب التدفق الاعلامى ما بين الدول العربية مع ندرة مشاريع الانتاج المشترك بينها وفشل اصدار ميثاق موحد للاعلام العربى حتى الآن، اضافة الى ذلك الاهتمام الضئيل بدور الاعلام فى منظومة التنمية مع ما له من دور حاسم فيها.

ثم ماذا عن صناعة الاعلام الغائبة لولا بعض صناعات تجميعية لأجهزة الراديو والتليفزيون فى مصر والعراق والجزائر وانتاج اعلامى محدود صار مهددا بالانقراض باستثناء مدينتى الانتاج الاعلامى بالقاهرة ودبي. وغاية القصد يؤكد الدكتور نبيل علي- أن اعلامنا العربى يعيش صدمة اعلامية على مختلف المستويات السياسية والتنظيمية والفنية، فليس بالاقمار الصناعية والقنوات الفضائية وما تعطيه لنا مطابعنا الصحفية من جرائد مكتوبة، ليس بهذا كله يحيا الاتصال فى عصر المعلومات, وعلينا الآن أن نقر بأننا لم نرصد بعد مسارات الخريطة الجيوــ اعلامية الحديثة وهو ما عبر عنه التقرير الاستراتيجى العربى عام 1999 بضعف الاستجابة الى عولمة الاعلام.

إن اعلامنا العربى يواجه الآن عصر التكتلات الاعلامية مشتت الاتجاه عازفاً عن المشاركة فى الموارد معانيا فى ذلك الوقت من ضمور الانتاج وضعفه حتى كاد - وهو المرسل بطبيعته - يصبح نفسه مستقبلا للاعلام المستورد ليعيد بثه الى جماهيره، بل وأوشكت وكالات الأنباء لدينا أن تصبح وكالات للوكالات العالمية الأربع الكبرى حتى فيما يخص أخبارنا المحلية. لقد ارتضينا أن نوكل الى غيرنا نقل صورة العالم من حولنا, بل صنع صورتنا عن ذاتنا أيضا وأصبح الأمر برمته رهنا بأن نسابق الزمن وأن نسبقه أيضا وهو ما يؤكده الرئيس فى كثير من خطاباته.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف