فيتو
محمد أبو المجد
«التغيير بالقوة».. أسلوب ناجح في مصر فقط!
خلال الأيام القليلة الماضية، وقبل سويعات من إعلان الشكل النهائي للتعديل الوزاري، الذي اضطرت إليه حكومة شريف إسماعيل، ودفعتها إليه، مرغمة، إقالة المستشار أحمد الزند، فوجئنا بظاهرة غريبة، لا يستسيغها سياسي على وجه الأرض.

فوجئنا بكل المسئولين، تقريبًا، يستجيبون لمطالب العمال والموظفين، ويسارعون بتلبية الرغبات، ولو كانت حالات فردية ومطالب فئوية، فيما يشبه تنفيذ تعليمات فوقية.. ومن الواضح أنها من رئيس مجلس الوزراء "ياجماعة هدوا الجو.. علشان الناس تتقبل التعديل، ولا تطالب بتغيير الحكومة بأكملها".. ومن الوزراء أنفسهم: "ياجماعة هدوا الجو.. مش عايزين مشكلات.. خلي الساعات دي تعدي على خير، علشان الريس "يقصدون هنا المهندس شريف إسماعيل" ما يضطرش يجيب حد غيرنا "يعني نفسه بالطبع".

هذه ليست سياسة، ولا إدارة، ولو كانت إدارة مدرسة ابتدائية.. أسلوب الاستجابة للضغوط، والرضوخ للمطالب لمجرد "الانحناء أمام الريح حتى تمر بسلام".. كارثة.

هذه الطريقة في التفكير تدمر كل الجهود التنموية.. وتدفع كل من يعترض على وضع ما يستمرئ العنف في مطالبته، ولا يلجأ للطرق المشروعة في المطالبة بحقه، وبهذا يغيب القانون.

يجب دراسة المطالب بحق، وبحثها مع كل الأطراف المعنية بعمق، والتفكير في حلول جادة وواقعية بصدق.. وليس بغرض إرجاء الوقت، وتفويت الفرصة، فإذا مرت العاصفة، وانتهى الامتحان عادت "ريمة لعادتها القديمة"، وانهمك كل مسئول في الإصغاء للمنافقين، وإعادة الشيء لأصله!!

وهذه عينة: "تعديلات جديدة في قانون الخدمة المدنية قبل إرساله للبرلمان".. السماح للمخابز المغلقة بالعودة لممارسة نشاطها".. "رئيس الهيئة القومية للبريد «عصام الصغير» يعقد اجتماعًا بمسرح مركز حركة رمسيس بمبنى البريد مع العاملين، ويحضر الاجتماع رئيس النقابة العامة؛ لبحث ومناقشة عدد من مطالب العاملين الخاصة بالعلاوة الدورية والرعاية الصحية"..

"عقد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، اجتماعًا مع عدد من عمال الهيئة بمقر الديوان العام بوسط القاهرة؛ لبحث حل مشكلاتهم المتمثلة في عدم حصولهم على مكافآت.. ووقف الفساد المستشري داخل الهيئة، وإجراء تغييرات في الوظائف القيادية، وفصل الهيئة عن الوزارة، وإخضاعها لأي هيئة اقتصادية".

الاستثناء الوحيد من هذه السياسة وزارة الزراعة، حيث انتظم المئات من موظفي بنك التنمية والائتمان الزراعي في وقفتين احتجاجًا على سكوت رئيس البنك عن الفساد في البنك الرئيسي والفروع وبنوك القرى، وتمترسه خلف عدد من "البودي جارد"، وإغلاقه باب مكتبه دون موظفيه، وعدم صرف العلاوات الدورية، واستعانته بعدد غير قليل من المستشارين بأرقام فلكية لا تتلاءم مع خبراتهم، ومجاملاته الفجة للنواب من موظفي البنك، وتشريد من يبلغ عن واقعة فساد، فضلا عن إهداره أموال المودعين في أغراض شخصية، لشراء ولاء بعض المنتفعيــن.

العمال ثاروا، وناشدوا الرئيس السيسي التدخل.. ولم يتحرك وزير الزراعة، ولا رئيس الحكومة.. وكأن الغليان الذي يهدد بإشعال ثورة غضب عارمة في البنك، يحدث في كوكب آخر.

الغريب أن عددًا ممن حضروا تظاهرة موظفي البنك قبل أيام أقسموا أن أحد كبار موظفي الزراعة أطلعهم على قرار إقالة رئيس البنك، وأن الرئيس الجديد سيتسلم عمله خلال أيام، وأن كل مطالبهم سيتم بحثها.. فكبروا وهللوا، واعتقدوا أن البلد فيه حكومة تمسك بدفة الأمور فعلا.. إلا أنهم اصطدموا بالمستشار الإعلامي للوزير الصامت يخرج عليهم ليبشرهم بأن "عطية سالم"، رئيس البنك" باق في منصبه، جاثم على صدورهم.. ولم يصدر أي قرار بشأنه.. فيما علمنا أن رئيس الحكومة انتقد المسئول الكبير، الذي تصرف من "دماغه"، بعنف، وأمره بتهدئة الأمور لحين الانتهاء من التعديل الوزاري، وإلقاء البيان أمام مجلس النواب.. وبعدها سيكون لكل حدث حديث.

لماذا يسكت الوزير ورئيس الحكومة عن الفساد، والأدلة واضحة، والمستندات جاهزة؟! ولماذا لا تتحرك الرقابة؟! تساؤلات بسيطة، أتمنى أن يصلنا رد عليها!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف