أحمد عمر
أصل الكلام- طبيخ الموظفين
شعرة معاوية تشبك الحنكة بالدهاء.. الطهارة والإنجاز بأن تفعل ما تشاء فقط عليك أن تبدو كذلك.. أن تكون ضليعا في "تستيف الأوراق".. الحكمة البيروقراطية "الشيء لزوم الشئ" التي فضحها منذ أربعينيات القرن الماضي الفنان الراحل نجيب الريحاني في فيلم "أبو حلموس" هي جوهر منهاج عمل كثير من القادة التنفيذيين يديرون مؤسسات.. الأمر تجاوز طلاء حجرة في حكاية باشكاتب دائرة عمر بك في فيلم الريحاني إلي محطات خطيرة كمشروع بناء المليون وحدة سكنية.. جري تنفيذ الآلاف منها بالفعل في زمن قياسي لكن في الصحراء..!! عشرات العمارات المتلاصقة بارتفاع 6 طوابق رغم أن أرض الله واسعة في الجوار.. بينما آلاف الشقق أقيمت في المدن الجديدة قبل سنوات ومازالت خاوية لافتقارها مقومات المجتمع العمراني من أسباب للحياة ووسائل المواصلات.. أخشي من السرعة التي يجري بها تنفيذ العاصمة الإدارية الجديدة دونما دراسات علمية جادة ومعلنة علي نحو يجعلنا نثق بأن إقامة تلك العاصمة علي أطراف المحروسة هو الخيار الأمثل للقضاء علي زحام القاهرة وليس تنفيذ تنمية حقيقية في الصعيد والاقاليم تحولها إلي مناطق جذب للسكان بدلا من مواصلة النزوح اليومي إلي العاصمة القديمة وأي عاصمة أخري.. وفي أسيوط علي سبيل المثال جري إقامة 10 آلاف وحدة سكنية علي طريق الغردقة الصحراوي بينما مدينة أخري أعلي الهضبة التي تخنق المدينة.. يتطلع المواطنون إلي إنجازها تسير بسرعة السلحفاة رغم أن الناس يرون فيها انقاذا من غلاء أسعار الاسكان في مدينتهم يفوق الطاقة.. الإنجاز إذا فقد الرؤية والهدف والقيمة صار مجرد تستيف أوراق.. طبيخ موظفين وليس عملا وطنيا مكتملا.
** حتي قضية الولاء للوطن بكل أهميتها تخضع في مجتمعنا لفكرة تستيف الأوراق.. إذ يعتبر المواطن رغم تمتعه بالجنسية ناقص الولاء غير مؤهل لعضوية البرلمان أو الالتحاق بمدرسة نظامية أو التقدم لوظيفة في هيئة سيادية إذا كانت جنسيته مكتسبة وكذلك الوالدين والجدين.. هذا وفقا للقانون إنما وفقا للعرف تمتد المحاذيز إلي السفر للخارج أو الاقارب حتي الدرجة التي تستطيع أن ترصدها التحريات الأمنية.. في حين يكشف الواقع أن ولاء المواطن الصحيح قابل للخدش.. فالاحباط يخدش الولاء.. وأكبر أسباب الاحباط في مجتمعنا هو الشعور بغياب العدل.. العدل ليس وزارة وإنما ممارسة مجتمعية وسيادية تعطي كل ذي حق حقه.. بداية من تطبيق قواعد المعاملات إلي توزيع الأجور والامتيازات.. وطالما بقي العدل أساس الملك والقيمة الإسلامية والإنسانية الأعلي.. صار السكوت عن الظلم قهرا للإنسان وخيانة للوطن.