عباس الطرابيلى
هموم مصرية -خسرته القاهرة.. وكسبته النقل
والله العظيم زعلان! وأخشي أن تتعثر مشروعات تجميل القاهرة وإنقاذها.. وتسليك شرايينها بعد أن تم نقل محافظها الدكتور جلال مصطفي محمد السعيد ليتولي مسئولية وزارة النقل..
زعلان. رغم أنني أتمني الخير للمحافظ الذي ترك حقيبته.. ليصبح مسئولاً عن كل شرايين الطرق في مصر، بعد أن كان مسئولاً فقط عن شرايين العاصمة وحدها.. وقد أصاب الانسداد شرايين الوطن كلها: برية.. وبحرية.. ونهرية.. وحديدية. تماما كما زادت انسدادات شرايين الجسم البشري نفسه.. وباتت «مسالك» كل المصريين مسدودة.. من فوق لتحت لأسباب عديدة!!
<< حقيقة كسبته وزارة النقل.. ولكن خسرته محافظة القاهرة بكل تأكيد.. فهل هكذا نحن نأخذ الناجح في موقع ليتولي مسئولية أخرى في موقع آخر.. رغم أن الدكتور جلال السعيد كان ناجحاً للغاية.. رغم بشاعة المشاكل والاختناقات والتعقيدات التي يعاني منها سكان القاهرة.. وكل زائريها..
نعم. المنطق يقول بذلك.. ولكن لماذا لا نترك هذا المسئول ليكمل مشروعاته حتي تري «جميعها» النور.. خصوصاً أن كل القاهريين ينعمون الآن بما فعل هذا الوزير الهمام.. بل ويحسدهم سكان كل محافظات مصر.. ألا يكفي معركته مع العشوائيات التي هي نتاج إهمال عشرات السنين.. ومحاولته الناجحة ـ لإقامة تجمعات سكنية «عصرية وانسانية» لسكان العشوائيات حتي ولو علي حواف العاصمة، أو حيثما تتوفر الأرض الصالحة لها.. وحتي لو كانت مساكن من 60 متراً.. أليست أفضل 1000 مرة من عشش الصفيح والخشب والكارتون..
<< ولقد كدنا نطلق علي القاهرة اسم «عاصمة القبح» فجاء الرجل بكل شجاعة ـ رغم قلة الامكانات ـ وانطلق يعمل في القاهرة الخديوية ليعيد لها ـ وهي قلب المحروسةـ كل البريق الذي عاشته منذ أيام منشئها الأول الخديو اسماعيل ووزير أشغاله الرائع علي باشا مبارك ثم منشئها الثاني الخديو عباس حلمي الثاني، حفيد اسماعيل.. وأخذ يزيل عن وجهها الأصيل كل ما شوه وجهها بفعل الإهمال وهواة تحويل كل جميل إلي قبيح..
ثم لم يتوقف الرجل عن «تلميع» وجه القاهرة الخديوية.. بل انطلق يعمل من منطقة شق الثعبان إلي تل العقارب وإلي دار السلام والفسطاط.. وكلها في جنوب القاهرة.. إلي أقصي شمالها عند روض الفرج.. وهل خرج أحدهم إلي كورنيش النيل من روض الفرج إلي حلوان ليشاهد بدايات إعادة الجمال إلي نهر الجمال المسمي نهر النيل، ويكفي أنه أعاد النهر ـ والكورنيش ـ إلي كل القاهريين وفتح مساحات عديدة ليخرج إليها الناس.. ينعمون بالجمال والماء.. والوجه الحسن.
<< وهنا أتذكر كل اللمسات الرائعة التي أضافها للعاصمة محافظون عظماء مثل عمر عبدالآخر والدكتور عبدالرحيم شحاتة والدكتور عبدالعظيم زير وجاء بعدهم الدكتور جلال السعيد ليكمل ويضيف.. ومن أبرز أعماله استكمال جراج ميدان التحرير.. وجراج روكسي في مصر الجديدة ومحاولته الاستفادة من نهر النيل ليصبح طريقا لنقل الركاب عبر التاكسي النهري، نظراً لأن العاصمة مدينة طولية تمتد علي شط النيل لمسافة تصل إلي 40 كيلو متراً.. ليخفف الضغط عن شوارعها البرية.. بانشاء «شوارع نهرية» تتقاطع مع البرية.. أليس كل ذلك سبباً لأن يبقي الرجل الهمام ليكمل منظومته الحضارية الجديدة..
<< ولكن ـ قد أتقبل ـ نقله وزيراً للنقل.. فالرجل سبق أن تولي هذه المسئولية.. ولكن تم إبعاده عنها في عصر سابق.. فضلاً عن أن كل دراساته الأكاديمية: بكالوريوس وماجستير ودكتوراه من داخل مصر وخارجها، كلها كانت عن النقل ومشاكل النقل..
علي أي حال.. تم التغيير.. وإن كنت أتمني أن يجيء مكانه في القاهرة من يكمل.. ولكن كل حلمي أن يقدم الدكتور جلال كل علمه وخبرته لإنقاذ شرايين مصر.. ومسالكها.
<< نعم خسرته المحافظة.. ولكن كسبته وزارة النقل.