التاريخ علم وليس مجرد سرد وقائع وأحداث..والتاريخ شرطه الأول هو الحياد الموضوعي، ومهما كان هذا الحياد الموضوعي نسبيا إلا أنه مهم وضروري .. وليس من العلم ما نلقنه لأولادنا بالمخالفة للحقيقة في كتاب يدرس في بلده...وهو ما يعكس مدي قلقي من حالة التعصب وتبني وجهات النظر المحددة عند كتابة تاريخنا ..فأبشع أنواع التزوير هو تزوير الحقائق..لا يخفي علي الكثيرين أننا عشنا علي مدار ما يفوق الأربعة عقود أكذوبة أن أول رئيس لمصر بعد انتهاء الملكية وقيام الجمهورية هو الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وكان ذلك في كتب التاريخ في المدارس حتي انتصرت الحقيقة في تسعينيات القرن الماضي بالاعتراف بأن الراحل محمد نجيب هو أول رئيس ..هناك عشوائية في كثير من أمور حياتنا إلا أن العشوائية في كتابة المناهج وتزوير التاريخ هو تزوير لمستقبل أجيال ..لا يمكن أن ننكر أن غير المأسوف عليه محمد مرسي هو أحد من اعتلي سدة الحكم في مصر .. ولا يستقيم أن ننكر ذلك بالرغم من حالة العداء المجتمعي لأهله وعشيرته من "الإخوان المتأسلمين"..عند كتابة التاريخ يجب خلع أي عباءة سياسية أوعداء شخصي ..كتابة التاريخ يجب ألا تتلون بالحب والكره ويجب أن يكون منزها من كل هوي وميل ..وما تم الكشف عنه الأسبوع الماضي في كتاب اللغة العربية للصف الخامس الابتدائي من حذف صورة للدكتور محمد البرادعي من قائمة المصريين الحاصلين علي جوائز نوبل خير دليل علي حالة تلبس بالتزوير..تتفق أو تختلف مع البرادعي إلا أن ذلك لا ينفي أنه أحد المصريين الحاصلين علي نوبل.... بات واقعا أننا نفتقد الحيادية في كتابة تاريخنا لدرجة خلقت فينا نوعا من الضباب الفكري جعلنا نتساءل هل الملك فاروق زير نساء وشارب للخمر أم مصري أعلي مصلحة وطنه؟..وهل قطز والظاهر بيبرس مجرد مماليك مرتزقة حروب أم قائد جيش عظيم حمي مصر والمسلمين من التتار؟..رجاء حار إلي مؤرخينا ..قبل أن تمسك بقلمك لسرد أحداث مضت وكتابة تاريخ أمة.. " من فضلك ارتدي عباءة الحياد والموضوعية بدون تزييف أو تجميل"..