الجمهورية
لويس جرجس
سناء المصري والتمويل الأجنبي
سناء المصري مناضلة مصرية. ولدت في سبتمبر 1958 وتوفيت في يونيو سنة 2000 قبل أن تكمل عامها الثاني والأربعين بشهور. قادت المظاهرات ضد التطبيع وتصدت للتمويل الأجنبي للجمعيات غير الحكومية.
ذكرت سناء في كتابها الأخير الذي صدر في 1999 بعنوان "تمويل وتطبيع" ان المنظمات غير الحكومية أصبحت كثيرة ومتنوعة ومسمياتها متعددة.. منها جمعيات تعمل في مجال حقوق الإنسان وتحصر نشاطها في بث الأخبار إلي الخارج عبر أجهزة الفاكس ولذلك يسميها البعض منظمات "الفاكس والطيران" "لم يكن الانترنت ظهر وإلا لسميت منظمات النت سريع الانتشار".
تكمل سناء حديثها عن أنواع الجمعيات فتقول ان منها جمعيات تعيش دور الطليعة القديم في أسوأ أثوابه وهو ثوب التلقين المباشر لنصوص القانون وتدعي ان مهمتها رفع الوعي القانوني للناس وتري ان أغلب العاملين فيها يعتبرون أنفسهم رسل رفع الوعي القانوني ولهم الأجر والثواب من المنح والتمويلات.
وجمعيات ثالثة تتحدث باسم الديمقراطية ومراقبة الانتخابات وتقديم التقارير السياسية "الدقيقة" إلي حامي حمي الديمقراطية الأعظم في أمريكا وإلي المنظمات الأوروبية وجمعيات تقصر نشاطها في الدوائر العمالية وتراقب انتخاباتهم ونقاباتهم وقوانينهم ونواياهم السرية والعلنية وتتحدث عن الخصخصة وما يناسبها من خصخصة النقابات وتفتيت الاتحاد العام وتكوين ما يسمي بالنقابات الموازية.
وجمعيات ترفع شعار الدفاع عن الأقباط باسم الوحدة الوطنية وتسارع إلي تكبير الحوادث وتضخيمها وطلب الحماية من الخارج للأقباط المضطهدين في وطنهم.
وباسم الأقليات المضطهدة أيضاً تتحدث بعض المراكز عن حقوق النوبة الضائعة والظلم الواقع علي النوبيين حتي الفن دخل سوق الجمعيات غير الحكومية وتكونت جمعيات تعمل بالتمويل الأجنبي وتنتج مشروعات تناسب ذوق الممول.
وتتحدث سناء عن المؤتمرات التي تعقد في فنادق فاخرة لمناقشة قضايا الفقراء وتتميز بالبذخ والإسراف علي الطعام المقدم للضيوف من نشطاء حقوق الإنسان وتقول ساخرة "هنيئاً للفقراء حينما يأكل الأغنياء علي أجسادهم ويلهون بذكرهم في لقاءات عابرة".
رحم الله المناضلة سناء المصري التي تنبهت عبر تجارب شخصية ونبهت مبكراً إلي خطورة التمويل الأجنبي علي المجتمع ومستقبله اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً. ومع الاعتراف بالدور المهم لمنظمات المجتمع المدني في تطوير وتقدم المجتمع. إلا ان الحذر من التمويل الأجنبي واجب لأنه ينفذ أهدافاً يضعها الممول لإنفاقه علي تلك المنظمات ويتم محاسبته حكومياً في بلاده علي ما حققه هذا الإنفاق من أهداف قومية لبلده وليس لمتلقي التمويل.
الخلاصة: ان ما يضمن الاستفادة من جهود المجتمع المدني في تطوير المجتمع المصري هو توفير التمويل المحلي لتلك الجمعيات وبالطبع فإن لدي أغنياء مصر من الأموال ما يغني تلك الجمعيات عن التمويل الخارجي بما يحمله من مخاطر علي مجتمعنا. هذا إن كان أغنياؤنا يهمهم حقاً خدمة المجتمع الذي يربحون منه أموالهم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف