الأهرام
مرسى عطا الله
رسالة إلي الوزراء الجدد!
علمتنا الحياة وتجاربها المتنوعة في مختلف مراحل العمر أن ندرك - وعن يقين - أن الإرادة هي أعظم ما يملكه الإنسان فهي الركيزة الأولي والأساسية لأي عمل إنساني سواء كان هذا العمل ماديا أو روحيا.. مفيدا أو مضرا.. ومعني ذلك أن أحد الفلاسفة الأوائل لم يكن مخطئا عندما نطق حكمته الشهيرة قائلا: «إن الإرادة هي مفتاح الصواب ومفتاح الخطأ في آن واحد».

وأبسط تفسير لهذه الحكمة الفلسفية ينطلق من أن أي كائن حي يولد وفي داخله قدرة كامنة علي الحركة والعمل لمواجهة الظروف، ولكن تختلف وتتباين القدرة علي الحركة في الاتجاه الصحيح والعمل المفيد علي حجم الإرادة المتوافرة.

أريد أن أقول بوضوح: إن التفكير سهل ولكن العمل هو الذي ليس سهلا لأن تنفيذ ما يفكر فيه الإنسان فعلا هو أصعب شيء في العالم.. وكما يقول «تولستوي» فإن إنتاج عشرة مجلدات من الكتابة الفلسفية أسهل وأيسر من تطبيق مبدأ واحد منها حيث إن هناك مسافة واسعة بين التفكير النظري والتنفيذ العملي لأن التفكير النظري يمكن أن يصل بنا بسهولة إلي شواطئ أرض الأحلام البعيدة التي تتردد في الحكايات والأساطير القديمة أما التنفيذ العملي فشيء آخر يحتاج إلي معرفة تامة وحقائق مؤكدة قبل البدء بخطوة العمل الأولي التي لا يمكن أن تترك لمحض المصادفة.

وصحيح أنه لا مستحيل تحت الشمس وأن النجاح ممكن إذا تم اختيار الهدف بدقة ولكن من العبث أن تضطلع بتحقيق غايات لا سبيل إلي تحقيقها لأن نتائج الإخفاق سوف تكون نتائج خطيرة ومرعبة لعل في مقدمتها أن الفشل قد يقضي علي الثقة بالنفس... وليس هناك أخطر علي أية أمة من أن تفقد ثقتها بنفسها... ومثلما كان يقول «جوته» للشعراء الناشئين أن ينظموا قصار القصائد بدلا من طوال الملاحم كان « سامويل بتلر» يقول «إنه من واجبنا أن نأكل من عنقود العنب خير حباته أولا»!

و الخلاصة إن المهام الصعبة التي يستحيل إنجازها في مرحلة واحدة يتوجب تقسيمها إلي عدة مراحل ثم يركز كل الاهتمام علي كل مرحلة علي حدة ولا يجب علي الإنسان أن ينظر إلي أبعد من المرحلة التي هو بصددها مثلما يفعل متسلق جبال الثلج الذي يقتطع من الثلج ليشق طريقه خطوة بعد أخري.

خير الكلام:

<< كن مع الفجر نسمة توسع الأزهار شما وتارة تقبيلا !
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف