سليمان جودة
حتى لا يكون التعديل الوزارى عبثًا بمصالح الناس
أولى الملاحظات على التعديل الوزارى الذى طرأ على حكومة شريف إسماعيل، أن الذين كانوا يديرون عملية التعديل، لأيام، تعمدوا تسريب أسماء للإعلام، على أنها هى التى سوف تأتى ضمن التعديل، ثم بحثوا فى الوقت نفسه فى مكان بعيد عن الإعلام، عن أسماء أخرى، هى التى جاءت فى النهاية، لا الأسماء المُسربة.. ولو أن أحدًا، راجع الأسماء التى امتلأت بها الصحف، ووسائل الإعلام، طوال الأيام التى استغرقها التعديل، فسوف يلاحظ هذا بوضوح!
فهل كان القصد إبعاد الإعلام عن أن يدس أنفه فى الموضوع؟!.. وهل كان القصد إلهاء الإعلام بالكلام فى أسماء بعينها، ليست هى التى سوف تأتى فى التعديل، ولا هى التى استقر عليها الرأى فى أجهزة الدولة المعنية؟!
ربما.. ولكن عيب هذه الطريقة الجديدة، فى إدارة التعديلات الوزارية، أنها تجعل الرأى العام بعيدًا عن المشاركة من خلال الإعلام.. والمشاركة المقصودة هنا، ليست أن يكون الرأى العام هو صاحب القرار.. فالقرار فى مثل هذه الأمور، له صاحب نعرفه فى الدولة.. ولكن القصد أن يكون الرأى العام حاضرًا بصورة من الصور، وأن يكون له حساب واعتبار، بدلًا من أن نتعمد إشغاله بأسماء ليست هى التى قررنا أن نجىء بأصحابها فى الحكومة!
والملاحظة الثانية أن التعديل جرى بطريقة توحى بأنه لا رؤية وراءه كانت تحكمه، وبمعنى آخر فإن رئيس الوزراء قد بدأ فى التعديل، دون أن يكون فيما بدا لنا قد قرر ابتداءً، ماذا يريد من وراء التعديل، ولا مَنْ مِنْ الوزراء بالضبط، سوف يبقى، ومَنْ منهم بالضبط أيضًا، سوف يكون عليه أن يرحل!.. ولا ما هى بالضبط كذلك أسباب البقاء، ثم أسباب الرحيل؟!
مثلًا.. قال الدكتور سمير فرج إنهم عرضوا عليه وزارة الإعلام، وأنه رفض، فخرج التعديل فى نهاية المطاف، دون وزير إعلام!
ما معنى هذا؟!.. معناه أن الذى عرض على الدكتور سمير منصب وزير الإعلام، لم يكن فى الأصل يعرف ماذا يريد من عودة وزارة الإعلام، ولم يكن بالتالى مقتنعًا بالفكرة الاقتناع الواجب.. وإلا.. فلو كان يعرف ماذا يريد من وراء عودتها، ولو كان مقتنعًا بعودتها، كما يجب لكان قد بحث عن مرشح آخر، وثالث، ورابع، بخلاف الدكتور فرج، حتى يعثر على المرشح المناسب الذى يقبل المنصب، ولكان قد أعادها، ثم دافع عن عودتها ووجودها، وكلفها بالمهمة التى يراها لها.. أما أن يفكر فى إعادتها، ويعرضها على الدكتور فرج، فيرفض من جانبه، فتكون النتيجة هى التخلى عن الفكرة تمامًا، فهذا هو الجديد، وهذا هو الذى يبين لك، أنهم كمسئولين فى الدولة، قد ذهبوا إلى إجراء تعديل كبير على الحكومة، شمل ثُلث أعضائها تقريبًا، دون أن يكونوا قد قرروا مقدمًا، أنهم يريدون هذا، ولا يريدون ذاك، من وراء مثل هذا التعديل، وبوضوح كامل!
مثال آخر.. كان الوزير هشام زعزوع قد تولى وزارة السياحة من قبل مرتين، وكان قد خرج منها فى مارس الماضى، وجاء فى مكانه وزير بقى فيها ستة أشهر، ثم غادرها فى سبتمبر من العام الماضى، وفيه، أى فى سبتمبر، أعدنا زعزوع إلى السياحة من جديد، ليخرج منها فى التعديل الأخير، بعد قضاء ستة أشهر لا غير!
فما الهدف؟!.. وما الفلسفة وراء استبعاد وزير لوزارة مهمة كهذه، ثم إعادته، ثم استبعاده؟!.. وإذا لم يكن صالحًا للمنصب فلماذا أعدناه قبل ستة أشهر، بعد استبعاده من قبل؟! وإذا كان صالحًا، فلماذا استبعاده بعد إعادته بستة أشهر؟!.. وهكذا.. وهكذا.. وهل نحن فى ظروف تسمح لنا بمثل هذا الترف.. ترف تغيير الوزراء بهذه السرعة، وبهذا المعدل؟!.. وهل لا توجد منطقة وسطى بين 25 عامًا كان الوزير يبقاها فى منصبه، قبل 25 يناير، وبين ستة أشهر الآن؟!.. التعديل، أو التغيير الوزارى، إذا لم تحكمه رؤية واضحة، فهو عبث بمصالح الناس!