البديل
جمال الجمل
أيها الرئيس.. ما تضيعش وقتنا
(1)

التقى الرئيس بالمثقفين لمدة 3 ساعات، فماذا قال؟ وماذا قالوا؟ وهل يثمر ما قيل فائدة تُرجى للبلاد، أو مصلحة تُقضى للعباد، أو «سبوبة» تبل الريق للأفراد؟

(2)

بدون إحباط للمشاركين والمتابعين المؤيدين، الإجابة: لا، وأنا نادرًا، ما أقدم إجابات قاطعة بهذه الحدة؛ لأنني أتمنى أحيانًا لو استطاعت الريح أن تعيش ساعة حظ وتأخذ شيئًا من «البلاط»، لكن الفيلم مُعاد، والأحداث محروقة، والساذج من ينتظر مفاجآت جديدة في فيلم مقاولات مكرر شاهده من قبل مرارًا.

(3)

لماذا أكتب إذن عن لقاء لا يتضمن جديدًا؟

(4)

لديَّ إجابتان.. الأولى: لأنني دارس آثار وأعرف قيمة القديم، وأعرف أن مكانه داخل المتاحف، وليس في نهر الحياة اليومية، والثانية: لأنني أطمح إلى تجديد القديم بالتثوير من الداخل، أو تدميره إذا ظل عائقًا في طريق الجديد، وبناء على ذلك قررت أن أكتب:

(أ)

أنتم طبعًا تعرفون أن الدنيا تتغير؟! وتعرفون أن هذا التغير أزلي، ويسمى في الفلسفات الكبرى بقانون الصيرورة، وربما تعرفون أن أحدًا لم يستطع الإفلات من هذا القانون ولا تكذيبه، من أيام هرقليطس.. لكن هناك من كسر القانون في لقاء الرئيس وأثبت بالدليل الساحق الماحق أنه الثابت الذي يستعصى على كل المتغيرات من حوله..
إنه الطوطم الثقافي المبجل/
أحمد
عبد المعطي
حـجـــــــــــــازي.
(ح)
حجازي مثقف قديم «قديم بمعنى الكلمة»، ولديه تحولات كثيرة تثير العجب، لكنها تظل تحولات تكتيكية تدور حول محور واحد ثابت لا يتغير.. اسمه: السلطة.
في البدء جاء إلى القاهرة شابًّا حالمًا من تلا بمحافظة المنوفية، وكتب ديوانه البديع «مدينة بلا قلب».. كاشفًا عن صدمة الريفي الأخضر في العاصمة الرمادية، وسرعان ما ارتبط الشاعر بالمشروع السياسي للدولة، حتى تحول إلى «شاعر الاتحاد الاشتراكي» كما أطلق عليه البعض، ولما رحل عبد الناصر وانقلب السادات على نظامه من الداخل، ارتبك مشروع وأداء حجازي، وتحول نضاله الاشتراكي إلى عقبة في طريقه، فخرج مع المثقفين الذين ضاقت بهم مصر، واستقر به المطاف في باريس، وبعد سنوات عاد مستوعبًا الدرس، فدخل في حظيرة المثقفين التي افتتحها الوزير الفنان فاروق حسني، وتخلى عن أفكاره الريفية، وكتب يهجو الريف متبنيًا دعوة اليونسكو في ذلك الحين إلى «عالم من المدن»! هكذا تيبست «شجرة الليمون» في خرابة السلطة إلى جوار «أشجار الأسمنت»!

(ا)

الويل لمن ينقلب على تاريخه، لذلك لن أطيل في نقد رجل أحببت أشعاره يومًا، فقد «كنت أهوى هؤلاء الشعراء/ أتسامى فوق غيم نسجوه/ أتمطى في بخورٍ أطلقوه «…» ثم نصحو، فإذا الركب يمر/ وإذا نحن تغيرنا كثيرًا/ وتركنا الأقبية»… فقط تأملوا الصورة التالية، واضحكوا قليلًا، ثم احزنوا حتى البكاء، فـ«الدجى مازال يجتاح المدينة، ونباح من بعيد «…» والكلب يفتش عن لقمة/ وأنا أبحث تحت الشرفات عن البسمة/ لم يعثر، وأنا لم أعثر».
«يا شعراء.. يا مؤرخي الزمان/ فلتكتبوا عن شاعر كان هنا/ في عهد عبد الناصر العظيم!!”
.. ولا تنسوا أن ترفقوا صورته هذه بما تكتبون..!

fafaewrw

«تنظيرة فارغة»

* لا تلتفتوا لأسماء المثقفين في لقاء الرئيس، ولا تسألوا عن طريقة اختيارهم، ولا الجهة التي تختار، فلكل سلطة قوائمها المعدة سلفًا، والرؤساء لديهم مقولات جاهزة يريدون تبرير إعلانها، أحيانًا بحضور يصفق، وأحيانًا بغرض الاحتواء والتعبئة، وأحيانًا يتحدثون إلى ميكرفونات جامدة وكاميرات بلا عقل، فماذا يريد الرئيس وما الجديد الذي قاله المثقفون، وكان خفيًّا على الرئيس؟
– تحدثوا كثيرًا عن الحريات، وطلبوا الإفراج عن المسجونين بلا محاكمات في قضايا جادة، وطلبوا إسقاط قانون التظاهر، وطلبوا قرارات عفو عن المحكومين في قضايا رأي وازدراء أديان، وانتهى اللقاء بوعد للقاء جديد «وماتسوبنيش وتمشوا.. وأشوفكم تاني.. وخلينا على رنات»، ثم بدأت طبلة العباسيين: رئيسنا لا يتدخل في سلطة القضاء، ولا يتغول على سلطة التشريع، واقترح ما هو أبقى وأفضل من العفو، أن يصدر قانون جديد يمنع الحبس في مثل هذه القضايا!
* أوكيه سعادتك، طيب ما سلطة التشريع كانت معاك سنة عرفي، وسنة ونص رسمي، وبدلًا من دعم الحريات، أصدرت قانون التظاهر، وحبست ما استطعت، وعفوت عمن حدثتك بشأنهم الفرنجة، فلماذا هذه الموضوعية الاستراتيجية التشريعية الحصيفة الآن؟
وأرجو يا سيادة الرئيس أن تسامحني على تنظيرة «الحصيفة»، فالنفخ في الكلمات هو أكل عيشنا كمثقفين، كما أن نفخ المواطنين هو أكل عيش السلطة! وبمناسبة «الخرابة» التي أسسها الزعيم مبارك لديَّ سؤال أرجو أن يتسع وقت سعادتك للإجابة عليه: هو حضرتك كنت فين أيامها؟
على كل حال سيادتك اللي في وش المدفع، وعارف كل حاجة، فنرجو ألَّا تضيع وقتك ووقتنا في الاستماع إلى آراء منشورة في كل حتة، ولديك بها مئات التقرير، فليس لدينا غير شعارات الثورة التي هزت الميادين والقصور، وجاءت بك إلى الحكم، لتسألنا بعدها: هو انتو عاوزين إيه؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف