مؤمن الهباء
شهادة مغامرة المثلث الذهبي
في مغامرة صحفية يحسد عليها.. قام زميلنا مجدي الرفاعي مدير مكتب المساء في القليوبية بجولة محفوفة بالمخاطر في قري المثلث الذهبي للمخدرات التابعة لمدينة شبين القناطر.. ونشر تفاصيلها في "المساء" الثلاثاء الماضي ليلقي الضوء علي واحدة من أخطر بؤر الجريمة في بلادنا.. ويكشف النقاب عن حقائق مذهلة.. ثم يطرح أسئلة مازالت تبحث عن إجابات مقنعة.
وقد أخبرنا الرفاعي بأنه قام بهذه المغامرة متعمداً لمتابعة الحملة الموسعة التي نفذتها أجهزة الأمن بالقليوبية مؤخراً علي قري المثلث الذهبي الثلاث "القشيش والجعافرة وكوم السمن" برئاسة اللواء سعيد شلبي مدير الأمن واللواء د.أشرف عبدالقادر مدير المباحث الجنائية.
ومنطقة المثلث الذهبي للمخدرات بشبين القناطر من أخطر وأصعب مناطق الجريمة في مصر.. الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود.. وبالتالي فإنه ليس من السهل علي أحد أن يكتب عنها ويكشف أسرار أباطرتها.. ويسير في الشوارع بالكاميرا ويسأل المواطنين عما يحدث لهم.. وكيف يسيطر عليهم ملوك الجريمة ويبتزونهم ويفرضون عليهم الصمت الرهيب.
وتزداد الخطورة عندما يكتب مجدي الرفاعي عن هؤلاء الأباطرة بالاسم.. والقضايا التي تورطوا فيها ــ السرقة وتجارة المخدرات ومقاومة السلطات وإطلاق النار علي الشرطة ــ ويصور القصور الفارهة والفيللات التي بنوها داخل حدائق الجوافة منذ عام 2011 ولم يتعرض لهم أحد من المسئولين رغم معرفة كل الأطراف المسئولة في البلد بما يجري وما يبني.
ويجزم الزميل بأن هذه القصور شاهدة علي تفشي ظاهرة الفساد بالمنطقة.. فهناك مسئولون تركوا الحبل علي الغارب لهؤلاء المجرمين كي يفعلوا ما يريدون دون حساب أو عقاب.. كانوا يرون هذه الأبنية الفارهة المخالفة المشيدة بأموال المخدرات ومع ذلك لم يتحركوا.. ولم يهدموها مثلما يفعلون مع من يبني عشة أو بيتاً صغيراً داخل الأرض الزراعية.
في هذا الإطار طرح زميلنا عدة أسئلة مثل:
* لماذا لا يتم فتح تحقيق حول كيفية بناء هذه القصور لمعرفة من الذي ساند ودعم ومن الذي تستر.. ومن الذي يحمي هؤلاء المجرمين من الملاحقة القانونية؟!
* لماذا لم يتم هدم القصور والفيللات حتي قامت الشرطة بالتعاون مع الوحدة المحلية بهدمها مؤخراً عقب استشهاد ضابط وأفراد كمين شرطة الخانكة.. علماً بأن كل الأطراف تعلم أنها تؤوي تجار الكيف ومعاونيهم؟!
المثير في الموضوع أنه عندما حاول زميلنا إجراء حوارات مع الأهالي في الشوارع والبيوت فوجيء برفض كامل وامتناع من هؤلاء الأهالي عن الكلام بسبب الرعب الذي بثه تجار المخدرات عليهم وسيطرتهم علي المنطقة بالكامل وفرض سطوتهم علي الجميع.. وكان الحل الوحيد أمامه أن يكتب أسماءهم بالرموز حتي لا يتعرف عليهم الأباطرة فيبطشون بهم وبأولادهم.
ولكن.. ماذا قال هؤلاء الخائفون؟!
كان هناك إجماع علي أن مسئولية انتشار ظاهرة الاتجار بالمخدرات تقع علي عاتق الحكومة التي تركتهم سنوات عديدة دون أن تتدخل حتي تفاقمت.. وأصبح التجار الصغار أباطرة متشعبين في المدن والقري والنجوع.. يعاونهم تجار متوسطون يستغلون الصبية والأحداث في ترويج المخدرات.. إلي أن استفحل الأمر.. ولم يعد في الإمكان التعرف علي هؤلاء الوسطاء الذين يعيشون بين المواطنين.. وبعضهم يعمل مرشداً للمباحث للأسف.
الناس لم يعد في استطاعتهم أن يرفعوا أصواتهم بالرفض.. لا يقدرون علي نطق كلمة "لا".. وصار شعارهم إذا أردت أن تعيش بسلام فعليك مقاطعة الجميع وعدم الحديث مع أحد لأن الأمور اختلطت.. والكل يتشكك في الكل.. وقد يكون جارك أو أبناؤه ضمن شبكة تجار المخدرات أو المرشدين وأنت لا تعلم.
هل هذه حياة؟!.. وفي أي بلد يعيش هؤلاء؟!.. ومن المسئول الذي يجب أن يقرأ هذا التحقيق الصحفي "المغامرة" ويتحرك لتنظيف المثلث الذهبي من الخبائث التي تدنسه؟!
نحن في انتظار المغامرة التالية من جانب الحكومة لإنقاذ أهالي مثلث الشر.