ناصر عراق
لماذا نكتب في برنامج «حلو الكلام»؟
في برنامج (حلو الكلام) الذي أذيع أمس السبت على فضائية دبي سألتني مقدمة البرنامج الإعلامية المرموقة الدكتورة بروين حبيب لماذا نكتب؟ كما وجهت السؤال نفسه إلى الكاتبة الإماراتية القديرة عائشة سلطان صاحبة العمود اليومي في صحيفة "البيان".
بدا السؤال بسيطًا كما قالت بروين، لكنه ينطوي على إجابات متعددة ومختلفة وفقًا لعلاقة كل كاتب بالكتابة وموقفه منها، فالأستاذة عائشة سلطان تحدثت وأفاضت عن مدى أهمية الكتابة بالنسبة إليها، فهي صاحبة عمود يومي ناجح يستقطب المزيد من القراء، كذلك أشار كاتب هذه السطور إلى أن الكتابة فعل حياة، وأنها بالنسبة إليه وسيلة ناجعة لنقل الأفكار التي يؤمن بها إلى الناس.
بعد البرنامج دارت في خاطري ملاحظة... هل الكتابة أمر يخص الكاتب وحده وبالتالي يتم توجيه السؤال إليه؟ أم هي فعل مشترك بين الكاتب والقارئ الذي يتلقى هذه الكتابة؟ بمعنى أنه من الواجب أن نوجه السؤال إلى القارئ مصاغًا بطريقة مغايرة منطوقها: لماذا تقرأ؟
في اعتقادي أن الكاتب والقارئ يشتركان معًا في إنجاز مهمة رائعة وضرورية، وهي مهمة عريضة شاملة يمكن إيجازها في الآتي: نحن نكتب ونقرأ لأننا نريد أن نفهم، ولأننا نريد أن نستمتع، ولأننا نريد أن نتخفف من حمولات الحياة اليومية، ولأننا نريد أن نقتسم مع الآخرين أحزاننا وأحلامنا... وأننا وأننا... أي أن الكتابة عملية اجتماعية بامتياز تصبو نحو الأجمل والأكمل والأبهى.
هذا لا يعني أن كل من يتصدى للكتابة شخص مشغول بالناس والحياة والمجتمع انشغالا حقيقيًّا، فأنت تعلم أن هناك الكثير من الكتاب يخوضون بحر الكتابة بحثًا عن شهرة زائفة أو جلبًا للمال، رغم أن الكتابة في عالمنا الثالث لا تدر أموالا ذات شأن بسبب عزوف الملايين عن القراءة، ودعك الآن من الانتشار المرعب للأمية الأبجدية.
اللافت في أمر الكتابة والقراءة أيضًا أنه مثلما هناك كاتب جاد وموهوب ومحترم، هناك أيضًا قارئ نبيه وذكي وحصيف، ولأن المجتمع يفرز غالبًا كُتابًا من الدرجة الثانية والثالثة بكل أسف، ستجد حتمًا قراءً من الدرجة الثانية والثالثة يمرون على السطور باستخفاف، ولا يبذلون الجهد اللائق للفهم والاستيعاب، وبالتالي يصح الكلام عن جودة الكتابة وتعدد مستوياتها، مثلما ينطبق على ذكاء القارئ ومستوى إمكاناته!
قبل أن أختم دعني أهمس في أذنك بسؤال: لماذا لا يوجد لدينا برنامج ثقافي واحد جاد ومحترم مثل برنامج (حلو الكلام) يعرض في فضائية شهيرة، بدلا من الصراخ اليومي الذي يلوث فضائياتنا المصرية؟