تعلمنا فى الاسلام، فى الحياة وفى الدعوة، قول المصطفى «صلى الله عليه وسلم» «مَنْ سَنَّ فِى الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ. وَمَنْ سَنَّ فِى الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ». وتعلمنا أيضا قوله «صلى الله عليه وسلم» أن «الكلمة الطيبة صدقة»، يسبق ذلك قوله سبحانه وتعالى» وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى».
كان يكفى التأمل فى هذه الأقوال العظيمة وفهمها والسعى إلى ممارستها، حتى ينتهى الشر والفساد من الدنيا قولًا وعملًا، طبعًا دنيا من يؤمن بذلك، ولكن أبت مشيئة الله تعالى، إلا أن يترك للإنسان مشيئة تليق به «وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ» فمنهم من أحسن ومنهم من أساء، ولذلك حق على الإنسان قوله تعالى «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه».
لو فهم ذلك الخوارج - فى كل عصر ومصر- ومنهم داعش اليوم،أولئك الذين شوهوا صورة الإسلام بمخالفتهم لمنهج الله تعالى فى هذا الكون، والقيم والمبادئ العظيمة، التى لو تعلمناها وعملنا بها وعلمناها لغيرنا، لأصبحنا «النموذج» فى العالم كله، ولا أقول «نموذجًا». النموذج فى السياسة والحكم بالعدل الكامل حتى مع النفس ومع من يكره الإنسان «وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى»، ولذلك فإن تراثنا يحمل لنا دروسًا عديدة فى كل ميدان من ميادين الحياة، فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه، يقول لقاتل أخيه زيد رحمه الله تعالى، بعدما دخل ذلك القاتل فى الجاهلية، الاسلام «أنى أكرهك، فيرد عليه بكل قوة وأدب يسأله عن العدل والحق» أو يمنعنى ذلك حقى يا أمير المؤمنين ؟ فيأتى الرد من أمير المؤمنين النموذج أما هذا فلا، فيقول الرجل «إنما يبكى على الحب النساء». والنموذج أن يرى الناس عمرًا، وهو يحمل على ظهره الدقيق فيود أحدهم أن يحمل عنه، فيقول له عمر «لقد رأيت نفسى وقد أعجبتنى، فأردت أن أردها أو أذلها».
لكننا اليوم على اختلاف مشارب الأمة، نستورد النماذج من الشرق أو الغرب أو حتى من عبدة البقر. الاستيراد من كل شىء معناه تخلف فى كل شىء، أما الاستيراد والتصدير، والأخذ والعطاء فمن سنة الحياة، حيث إن الاسلام يرحب بالصالح النافع من كل شىء، والحكمة ضالة المؤمن أنىًّ وجدها فهو أحق الناس بها. كانت الأمة ستكون النموذج، لو أنها استجابت فقط للمنهج، وقامت بمقتضياته على خير وجه، من المسئول الأول حتى أدنى الناس درجة فى الحياة الدنيا.
أين نحن اليوم من الطموح، والسعى إلى الوصول إلى النموذج المنشود. الطريق واضح فى القرآن «فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا». والنموذج الأكمل وهو الأسوة الحسنة «صلى الله عليه وسلم»، الذى ارتضاه لنا قدوة وأسوة ونموذجًا» لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ». حتى العمل فى مجال البحث والتفكير والتفكر فى الخلق والتنقيب، والاستكشاف من أجل التقدم والنمو، جعله الله تعالى لنا عبادة «إنَّ فِى خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِى الأَلْبَابِ. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ».. وللحديث صلة. والله الموفق