الأخبار
عبد القادر شهيب
شيء من الأمل - هجوم رجال أمريكا في مصر
هكذا لم يعد يكفي مجرد فضح رجال امريكا في مصر.. وانما قبل ذلك يتعين تصحيح الاخطاء والعمل علي الاحتفاظ بجبهتنا الداخلية قوية ومتماسكة

ليست هذه هي المرة الأولي التي استخدم فيها مصطلح «رجال أمريكا في مصر».. سبق أن استخدمت هذا المصطلح عام ٢٠٠٧ تعليقا علي ما اذاعته وكالة أنباء «أمريكا إن أرابيك» حول الخطة الإعلامية لهيئة المساعدات الأمريكية، حينما كشفت عن وجود حلفاء وموالين لأمريكا وللغرب من بين المسئولين الحكوميين والمفكرين والإعلاميين، وبين مجتمع الاعمال والمال، وكذلك المستفيدون من برامج المساعدات الأمريكية وأيضا المنظمات غير الحكومية!. ولذلك أنا اليوم لا أنبه لوجودهم فقد اكدت الأحداث والتطورات التي شهدتها البلاد هذا الوجود، وهم أنفسهم جاهروا بذلك الوجود.
لكنني هذه المرة أنبه إلي أنهم بدأوا الآن هجوما مضادا يستهدف تغيير الأوضاع السياسية في البلاد، ويتركز أساسا علي قمة النظام السياسي.. انهم بعد ٣٠ يونيو التزموا موقف الصمت والسكوت والمتابعة لما حدث في البلاد، خاصة بعد أن اتجه الإخوان بقوة إلي ممارسة العنف في محاولة منهم لاستعادة الحكم الذي فقدوه بعد عام واحد فقط لم يستمتعوا فيه بحلم عملوا علي تحقيقه طوال ثمانية عقود.. فقد آثر رجال أمريكا في مصر أن ينأوا بأنفسهم بعيدا عن العنف الذي تورط فيه الإخوان، حماية لأنفسهم من الملاحقة الامنية، خاصة أن الولايات المتحدة كانت هي الاخري في ظل حالة الدوار التي اصابت ادارتها بعد الثالث من يوليو ٢٠١٣ قد اكتفت بموقف المتفرج والمتابع فقط لما يحدث داخل مصر، املا في ان ينجح عنف الإخوان في تغيير الخريطة السياسية في مصر.
لقد تصورت الادارة الامريكية وقتها أن عنف الاخوان المقترن بضغوط خارجية علي مصر سوف يتمخض في نهاية المطاف عن فشل ما أفضي عنه ٣٠ يونيو، وإعادة الإخوان إلي الحكم ولذلك لم يكن هناك ما يفعله أو يقوم به رجال أمريكا في مصر غير المتابعة والالتزام بالصمت والسكوت.. لكن بمرور الوقت ثبت الحكم الذي تمخض عن ٣٠ يونيو اقدامه في مصر، واضطرت واشنطن وحلفاؤها الاوروبيون- بحكم مقتضيات البرجماتية- إلي الاعتراف بالامر الواقع في مصر والتعامل مع هذا الحكم الجديد، بل واتخاذ عدد من الاجراءات التي انهت تجميد المساعدات العسكرية والمشاورات السياسية.. لقد ايقنت واشنطن ان عنف الاخوان لن يفلح ليس فقط في اعادتهم إلي الحكم مجددا، وانما حتي في اعادتهم للساحة السياسية المصرية.. وبالتالي بدأت واشنطن تعود إلي أوراقها الخاصة.. إلي الاعتماد مجددا علي رجالها في مصر.. ولذلك انهي هؤلاء مرحلة الصمت والسكوت وبدأوا التحرك والعمل.. بل والهجوم الآن.
وتأتي حركة هؤلاء ويأتي هجومهم الآن مركزا علي قمة الحكم في البلاد، أو علي شخص رئيس الجمهورية.. وهذا الهجوم بات لا يقتصر فقط علي توجيه الانتقادات له والطعن فيما يقوم به من اعمال وإنجازات ابتداء من مشروع قناة السويس الجديدة، مرورا بشبكة الطرق، وحتي مشروع زراعة المليون ونصف المليون فدان.. وانما هذا الهجوم الذي يقوم به رجال امريكا في مصر ضد الرئيس انتقل مؤخرا إلي مرحلة التهديد والتخويف.. التهديد بضغوط امريكية وغربية سوف تتعرض لها مصر مستقبلا أو قريبا.. والتخويف بامكانية نجاح الاخوان في تحريك دعاوي قضائية ضد شخص الرئيس في دول اوروبية قد تسفر عن صدور احكام تعوقه عن السفر إلي معظم الدول الاوروبية والتواصل معها، ناهيك عن امريكا بالطبع! وهم يوجهون هذه التهديدات بشكل سافر ومعلن وعبر وسائل إعلام مصرية آملين بالطبع أن يتراجع الحكم ويقبل بالاملاءات الامريكية!
هذا ما يفعله رجال امريكا الآن في مصر.. لقد تخلوا عن الصمت واخذوا يتحركون، بل وانتقلوا إلي مرحلة الهجوم.. وهم في ذلك يستثمرون بعض الاخطاء خاصة السياسية والامنية، مثل اخطاء معالجة ملفات امنية مختلفة لعل أبرزها ملف قتل الشاب الايطالي، ويراهنون علي الضغوط الاقتصادية التي زادت اعباؤها علي عاتق اصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة، في ظل اعلام حاد اغلبه عن المعايير المهنية.
وهكذا لم يعد يكفي مجرد فضح رجال امريكا في مصر.. وانما قبل ذلك يتعين تصحيح الاخطاء والعمل علي الاحتفاظ بجبهتنا الداخلية قوية ومتماسكة لنفشل هذا الهجوم الجديد الذي لا يستهدف الرئيس وحده.. وانما كيان دولتنا الوطنية قبله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف