الوطن
محمد الدسوقى رشدى
«حساسين» وأعشابه
ليس بعد أن تكون سعيد حساسين أى ذنب، ليس بعد أن تكون تاجر أعشاب وعطاراً سابقاً يتاجر بأحلام الغلابة وأمراضهم أى ذنب، ليس بعد أن تكون من هؤلاء الذين يأكلون على كل الموائد أى ذنب، باختصار أن تكون سعيد حساسين فتلك بمفردها جريمة إنسانية، فلا شىء أسوأ من أن يتحول العطار إلى نائب برلمانى ومالك استديو أو محطة فضائية، فى الأولى كان يبيع الجهل والوهم الطبى للغلابة من المواطنين أو المتعلقين بقشة الشفاء الأخيرة، وفى الثانية هو يبيع الجهل الإعلامى ويشارك عن عمد ومع سبق الإصرار والترصد فى تغييب العقل المصرى والوعى العام.

أشعر بالأسى والخجل لأهالى منطقة كرداسة بسبب تلك الصورة المظلمة والمضحكة التى يرسمها لمنطقتهم ودائرتهم نائب مثل «حساسين»، أعرف أن الأمر مؤلم ومخزٍ ومخجل بالنسبة لكثير من أهالى كرداسة أن يكون نائبهم هذا الشخص الذى لا يترك يوماً يمر دون أن يترك فى الأرض علامة عبثية تدل على قلة الوعى والكثير من الضياع العقلى.

«حساسين» الذى هو عطار تحول بصدفة المال إلى نائب مفترض فيه أن يملك الفكر والثقافة والوعى، لا يترك فرصة إلا وأثار فيها جدلاً حول الطريقة التى يعمل بها العقل البشرى، لأن النائب المفترض فيه أن يعمل على تحسين صورة وطنه، يعمل بإصرار على تصدير صورة مشوهة عن البرلمان وعن الوطن ككل.

لم يكن أحد يتخيل فى يوم أن يأتى شخص كامل الأهلية ويظهر على الشاشات يهدد بان كى مون، الأمين العام للأمم المتحدة بالضرب، وأن يتوعد الشخصية الدولية بالضرب والتأديب ويهدده بأن يرسل بلطجية من كرداسة لكى يعلموه الأدب.

هكذا يفكر من هو مثل «حساسين»، يصف أهل دائرته بالبلطجية ويهدد شخصية دولية، تتخيلها أنت نكتة أو هذياناً ناتجاً عن تضخم ذات لم يجد «حساسين» وصفة عشبية لعلاجه بعد البرلمان، ولكن النكتة تحولت إلى كارثة تشوه صورة مصر بعد أن نشرت الصحف الأجنبية أن عضواً بالسلطة التشريعية المصرية يهدد الأمين العام.

لم يتوقف هذيان «حساسين» عند هذا الحد، بل وصل بقلة وعيه إلى أعلى نقطة مثيرة للغثيان، حينما قرر أن يرفع حذاءه على الهواء مباشرة، فى حركة مثيرة للقرف تؤكد لك أن هذا هو حصاد ما يمكن أن تحصل عليه حينما تضع تاجر الأعشاب فى استديوهات الفضائيات.

الغريب أن «حساسين» فعل ذلك عنداً وتهديداً لأشهر لاعب فى العالم هو ليونيل ميسى، والأغرب أن وعى «حساسين» الفكرى الضحل دفعه لأن يوجه إهانة لدولة الأرجنتين، والأعجب أن رجلاً وصل إلى كرسى البرلمان المصرى لا يسعفه عقله حتى الآن بأن يدرك أنه من الطبيعى أن يتبرع لاعب كرة شهير بحذائه لوضعه فى مزاد علنى لصالح أعمال الخير.

لا يفهم «حساسين» طبيعة أعمال الخير ولا فكرة المشاركة الاجتماعية لرجال الأعمال، هو لا يفهم سوى ألاعيب الضحك على عقول المرضى بتركيبات أعشاب وكريمات مضحكة، كما لا يفهم «حساسين» دوره كنائب يشرع ويفكر ويخدم أهل دائرته لا يتحول إلى شتَّام أو ردَّاح.

«حساسين» لا يفهم دوره كنائب برلمانى ولا يتمتع بالنزاهة أو الشجاعة على أن يفعل كما فعل هيثم أبوالعز الحريرى، الذى تنازل بإرادته عن حصانته البرلمانية ليقف أمام القضاء، عكس «حساسين» الذى يتهرب من بلاغات عدة بالنصب والتلاعب ويستغل حصانته لحماية نفسه وألاعيبه فى كريمات تخسيس الأرداف أو أعشاب تكبير حجم الثدى، هذا هو «حساسين» وهذا هو قدرنا أن تسيطر على مجالس نوابنا وشاشات فصائياتنا هذه الصور البشرية التى تأخذ من عقل البلد وجلال الوطن ولا تعطيه أبداً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف