المساء
مؤمن الهباء
شهادة -لا تعديل.. ولا تغيير
لم أقرأ كلمة لكاتب يشيد بالتعديل - أو التغيير - الوزاري الأخير.. ولم أسمع معلقا يشيد بهذا التعديل - أو التغيير - ويتفاءل به.. كل من قرأت أو سمعت لهم غاضبون رافضون.. يرون أن من جاءوا ليسوا أفضل ممن ذهبوا.. هل هذه مصادفة.. أم توارد أفكار.. أم اتفاق وتوافق؟!
كثيرون كانوا يطالبون بالتغيير الوزاري. ولو من قبيل تغيير الوجوه فقط.. أو التغيير لمجرد التغيير.. بما يعطي احساسا بالتجديد وكسر الرتابة.. لكن ما حدث أن التغيير عندما حدث لم يعجب أحدا.. رغم أن الوجوه الجديدة لم تختبر بعد.. وربما تكون جيدة.. وربما يكون لها حضور وعطاء في قادم الأيام.
المشكلة. بل الآفة الكبري التي يشكو الجميع منها. اننا لا نعرف شيئا عن هذا التعديل أو التغيير الذي حدث. لا تعرف مثلا لماذا حدث التغيير من الأساس.. هل جاء استجابة لإرادة الشعب أو استجابة لطلب نواب الشعب.. أم أنها رؤية صاحب القرار وحده.. ولا نعرف لماذا طال التغيير هؤلاء الوزراء الذين خرجوا فقط.. هل اقتنع صاحب القرار أنهم مقصرون.. وفي أي شيء بالضبط كان التقصير.. وهل أداء الوزراء الذين لم ينلهم التغيير علي المستوي المطلوب؟!
ثم. وهذا سؤال مهم جدا. لماذا لم يشمل التغيير وزراء مرفوضين شعبيا.. عليهم علامات استفهام كثيرة.. وواضح للعيان أن أداءهم دون المستوي.. وأبرز هؤلاء وزير الأوقاف الذي وجهت إليه أصابع الاتهام صراحة في قضية تجديد شقته بمبلغ 772 ألف جنيه علي نفقة الوزارة.. ووزير التربية والتعليم الذي لم يحل مشكلة واحدة منذ تولي منصبه. بل زاد المشكلات القائمة تعقيدا.. وآخر أزماته كانت قضية حذف اسم البرادعي من قائمة الحاصلين علي جائزة نوبل في كتاب مدرسي بالتزوير والتزييف.. ووزير الصحة الذي لم يقدم انجازا واحدا في أي من الملفات الشائكة في وزارته.
الحقيقة اننا لم نعرف لماذا ذهب من خرج من الوزارة.. ولماذا جاء من جاء إلي الوزارة.. وهذا ليس جديدا علينا.. فعلي مدي عمرنا لم نكن نعرف لماذا تتعدل أو تتغير الحكومات.. ناهيك عن أن يكون لنا دور أو إرادة أو صوت في هذا التعديل أو التغيير الذي ينظر إليه الرؤساء عادة علي أنه سر عسكري.. وكان الرئيس مبارك يقول: عندما يسألونني عن التغيير الوزاري أجيبهم بأنه لا تغيير بينما اسماء التشكيل الوزاري الجديد بالكامل في جيبي.
ومع كل ذلك.. هناك متغير في المشهد الحالي.. هذا المتغير يتعلق بأسماء الوزراء الجدد.. فنحن لم نعد نعرف شيئا عن صاحب الاسم الجديد القادم إلي المنصب الوزاري إلا فيما تنشره الصحف من سيرته الذاتية.. وكان الوزراء فيما مضي يأتون من دائرة الضوء.. أو الدائرة القريبة منها.. أما الآن فالوزراء يأتون من المجهول ويذهبون إلي المجهول مثل موظفي الدرجة العاشرة.. انتهي زمن الوزير النجم.. الوزير السياسي.. صاحب التاريخ.. المعروف للناس باسمه وتوجهاته وميوله وسياساته.. لأنه ببساطة لم تعد عندنا سياسة.
لم نعد ننظر إلي المنصب الوزاري باعتباره منصبا سياسيا.. ومن يجلس فيه سيكون صاحب قرار.. وإنما يهيأ لنا أن المنصب صار ترقية للموظف إلي درجة أعلي من وكيل وزارة.. سوف يمكث فيها ما قدر له الله أن يمكث ثم يرحل كما جاء.. الوزارة صارت موغلة في التكنوقراط.. أما أصدقاؤنا رجال الأعمال الذين يلتحقون بالوزارة فهؤلاء لهم قصة أخري.. الكلام فيها لم يعد سهلا.
بقي أن أقول إنه مع كل تحفظاتي علي التعديل الوزاري الذي هو ليس تعديلا.. والتغيير الذي ليس تغييرا.. فإن الإصرار علي تغيير وتبديل الوجوه دون السياسات لن يأتي بالثمار المرجوة.. وما أحوجنا اليوم إلي تغيير السياسات.. ومع ذلك فإنني ألتمس العذر للوزراء الجدد الذين سيكون عليهم أن ينفذوا برامج لم يضعوها.. وأن يردوا علي مناقشات مجلس النواب لبيان الحكومة الذي لم يشاركوا في وضعه.
حتي المنصب الوزاري لم يعد له بهجة حتي نقول لهم *نشاطركم الأفراح*.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف