عباس الطرابيلى
هموم مصرية .. وزارات.. تقتل الوزراء!
والمقصود.. وزارات الخدمات ـ وما أكثرها في مصر. لأن كل المصريين يعتمدون تماماً علي الحكومة في توفير ما يحتاجون من خدمات. أي هي وزارات: الصحة. الإسكان والمرافق. التعليم. التموين. والنقل. وهناك وزارات تتصل مباشرة بمصالح الناس، في مقدمتها: المالية «التي توفر الأموال». والزراعة التي تنظم ما يجب أن يزرعه الناس.. والري التي عليها توفير المياه اللازمة للزراعة.. والكهرباء ويكفي أن فواتيرها تلهب شعور الناس، أجمعين..
<< وبسبب العجز المالي الذي يسيطر علي كل أمورنا.. ونقص الموارد المطلوبة لكل وزارة.. وبالذات وزارات الخدمات.. فان وزراء كل هذه الوزارات ـ مهما كانت امكاناتهم وقدراتهم بل وعبقريتهم ـ لا يستطيعون تلبية رغبات الناس، من خدمات ضرورية.. بل حتي الحد الأدني منها.
إذ إن هناك نقصاً رهيباً في الخدمات الصحية.. ليس فقط في توفير المستشفيات والعيادات.. بل في عودة هذه وتلك إلي توفير الدواء المجاني للمرضي، الذين يلجأون إليها.. ويكفي أن المواطن لا يجد إلا بشق الأنفس في هذه المستشفيات كل شيء، إلا فيما ندر، من تحاليل واشعات وفحوصات.. وحتي يتم توفيرها، مطلوب من الدولة مليارات ومليارات وهي غير متوفرة.. ولذلك ربما لا يتذكر المصريون كم وزيرا تولي مسئولية هذه الوزارة بالذات.. والفشل ليسوا هم المسئولون عنه!!
<< ووزارة التعليم، بقسميها، زادت نسبة فشلها.. وزاد عدد الطلبة ـ في كل مراحل التعليم ـ وهي ما يطلق عليها «نسبة الكثافة في الفصول» والكتاب المدرسي والمناهج.. ومشاكل المعلمين الذين يذهب حوالي 70٪ من ميزانية التعليم لتغطية مرتباتهم وأجورهم والدولة هنا ـ حتي وإن توفر لديها ما يغطي جزءاً من تكاليفهاـ لا تستطيع وحدها حل معضلة التعليم.. حتي نتذكر أنه كان عندنا هذا التعليم، الذي كنا نفخر به ونزين الجبين.. مع اعترافنا بأنه بدون تطوير وتحديث تعليمنا.. لا أمل في أي تحسين لأوضاعنا وهي معضلة المعضلات. والعقبة الأكبر أمام تقدمنا..
<< والإسكان.. وما كان من نقص رهيب في المساكن الاجتماعية رخيصة الثمن.. معقولة الإيجار.. وكان هذا النقص «الاجتماعي» وراء ظاهرة العشوائيات خصوصاً وان الدولة لا تعطي لهذا الاسكان الاجتماعي الاقتصادي.. الشعبي ما يجب من اهتمامات.. وإذا كانت الدولة الآن تحاول تعويض هذه القضية.. ولو بمساكن مساحتها 50 أو 60 متراً فإن ذلك لا يكفي.. لأن العجز يتخطي كثيراً حجم إمكانيات الدولة فالقضية هي ناتج ترسبات طويلة قديمة.. منذ تخلت الدولة عن واجبها الاجتماعي، في هذا القطاع.. وهي فعلاً.. وزارة تقتل الكفاءات.
<< والتموين.. رغم جهود ملحوظة تعطي الفقراء حقهم.. فإنها بحق هي وزارة الغلابة.. ولذلك فإن الدعم الذي تقدمه الدولة للناس من خلال هذه الوزارة ـ وإن كان لا يكفي ـ إلا أنه يحمل الموازنة العامة الكثير.. ونفس الكلام عن وزارة النقل.. علي الأقل حتي نوقف بحور الدم وضحايا الأسفلت.. وأخطر مهام وزيرها هو تطوير مرفق السكك الحديدية التي كانت مصر ثاني دولة في العالم تستخدمها لنقل الناس والبضائع.. وأمام وزيرها الحالي «القديم» العائد إليها ـ الكثير. ونتمني له كل نجاح، ليس فقط لأنه درس ذلك في كل مراحل دراسته حتي الدكتوراة ولكن لأن نجاحه في محافظة القاهرة، يؤهله لنجاحه.. مع النقل..
<< وآه من وزارتي الري والزراعة.. والأولي في نظري هي وزارة مائية مصر.. لكن أمامها قضية خطيرة هي توفير المياه للزراعة بسبب النقص الحالي.. الذي يواجه ـ أيضاً ـ نقصاً في المستقبل بسبب مشروعات أثيوبيا.. والزراعة تحتاج إلي العلم والتحديث لنحصل ـ من الفدان نفسه ـ أضعاف ما نحصل الآن..
هي كلها وزارات «في وش المدفع» ولأن الشعب يتعجل الحصول علي الخدمات.. مع نقص المال.. لذلك لا يطول عمر من يتحملها من وزراء..
<< ألم أقل لكم إنها وزارات.. تقتل الوزراء؟!