جنحة نشر.. هي جوهر الاتهامات المنسوبة للمستشار هشام جنينة الرئيس المقال للجهاز المركزي للمحاسبات.. قضية شائعة في أوساط الصحفيين والمشتغلين بالإعلام.. تنظرها أحيانا محكمة الجنايات إذا كان المتضرر موظفا عاما أو ذا حصانة.. حماية إضافية كفلها القانون المصري للمتهم.. جنحة إنما تنظرها محكمة الجنايات بتشكيلها الأوسع والأكثر خبرة.. واجهت خلال 32 عاما من الاشتغال بالصحافة 14 قضية مثلها انتهت جميعها بالبراءة.. القضاء العادل مقدم علي القانون العادل.. وحينما تقرر محاربة الفساد لا تتوقع أن يقف الفاسد مكتوف الأيدي.. سيقاوم.. وستنتصر.
في حملتنا عام 2003 ضد بؤرة المخدرات والجريمة في جزيرة النخيلة بأسيوط.. اتهمنا زعيم عصابة حنفي وقتها في دعواه القضائية بالإساءة إلي سمعته الناصعة.. وتم القبض عليه ومحاكمته وإعدامه فيما بعد.
وخطأ جنينة القانوني تحدده التحقيقات الجارية أمام النيابة العامة.. أما خطيئته فهي سياسية بتجاوزه مقام القاضي ودقة المحاسب إلي ميدان صحافة الإثارة للفت الأنظار.. وتلجأ الصحف إلي الإثارة لزيادة الانتشار.. فماذا كان قصد جنينة؟ هل كان إخوانيا ينوي التشهير بالنظام وهذا ما نفاه.. أم كان كما أظهر وطنيا يريد "التكبير" علي فساد استشري وبات يأكل الأخضر واليابس؟ الله أعلم بالسرائر إنما فداحة الأرقام التي أعلنها جنينة عن 600 مليار جنيه فاتورة الفساد وما تلاها من تحقيقات وإجراءات أثارت بلبلة في شارع يتمني أن يكون جنينة إخوانيا مغرضا لكن الواقع يقتل الأمنيات والفساد المستشري بات يقتل الحياة ويخدش الحياء.
ربما لهذا السبب تأخر قرار إقالة جنينة شهورا.. حتي لا تكون الإقالة انتصارا لفساد ملموس يبدو أنه مازال أقوي من إجراءات مكافحته.. إنما ضبطا لأداء مؤسسات الدولة والرجال القائمين عليها.
إن الإثارة الصحفية يجب ألا تشغلنا عن قضيتنا الأساسية كمجتمع يؤمن بقيادته ويطمح إلي التقدم والبناء.. قضيتنا ليست فساد جنينة إنما مكافحة جنينة الفساد.. علينا ألا ننزلق إلي خديعة أن من يحارب الفساد إخوان.