ياه.. ياقلب هذه الأم التى قتلت ابنها.. كيف طاوعتها أصابعها، وهى تلف رقبة ابنها بسلك الكهرباء ثم تشد السلك، حتى يموت ولدها مخنوقاً.،. كيف طاوعها قلبها.. وهى التى حملته جنيناً.. وتحملت كل آلام الحمل ثم آلام الميلاد والمخاض.. ثم كيف أرضعته.. وسهرت عليه.. إلى أن كبر وشب عن الطوق.. وهى الأم «المصرية» التى تقول «أدعى على ابنى.. وأكره من يقول آمين»!! وهل هذه الأم التى خنقت ابنها هى غير الأم التى لا تنام إلا إذا عاد ابنها وقدمت له طعام العشاء.. حتى نام.. هل تغيرت الأم ـ الآن ـ عما كانت عليه الأم.. زمان؟
<< أم أن الأم فعلتها ومنطقها يقول: بيدى لا بيد عمرو، أى: أنى إنسان آخر.. فهى تعلم حقيقة ولدها.. والجريمة التى يرتكبها كل يوم وهو يضرب كل من بالبيت ليحصل على ما يدبر به المخدرات التى يتعاطاها.. ولكن.. وللمرة الثالثة، أى أم هذه قلبها.. مهما كانت الدوافع، وهل لها العذر فى أن تتخلص من ولدها.. حتى لا يضار أحد من الناس إذا أقبل على اركاب نفس الجريمة.. وهل هى جريمة بالفعل، أم إنقاذ للمجتمع من مثل هذا الولد العاق، الذى دمرت المخدرات إدراكه وقضت عليه.
<< وأى قوة مكنتها لكى تضغط على رقبة وليدها الشاب.. وتظل تضغط وتضغط، ألم تفكر ـ ولو لحظة واحدة ـ فى أن تتراجع عما بدأته بل كان تصميمها كبيراً، وإصرارها أكبر على أن تتم عملتها.. أم أن ما عانت الأم ـ من ابنها هذا ـ فى السابق هو الذى دفعها لكى تتم ما صممت عليه.. وهى بكامل إدراكها، بل وتحضيرها لكل وسائل تنفيذ قرارها.. وهنا لا أعتبر ما فعلته الأم جريمة.. بل هى تخليص لولدها من جريمة الإدمان ذاتها.
بل ماذا تكون عقوبتها.. وهل يحكم القضاء عليها بأنها أم قاتلة.. أم يعفو عنها لأنها خلصت المجتمع من جرائم هذا الابن.. بينما الجناة الأصليون يواصلون جريمتهم، سواء بزراعة هذه المخدرات أو صناعتها والتجارة فيها. ومن يستحق الإعدام هنا؟
<< قلبى، مع هذه الأم التى تحملت نفسياً ما لا تتحمله أى أم أو أب، بل أرى أنها أنقذت ابنها مما كان ينتظره أصلاً لو استمر فى جريمة تعاطى هذه المخدرات.
هنا أرى أن الحكم الذى أصدرته هذه الأم على ولدها يجب أن يطبق على كل من يقدم هذه السموم لشبابنا ولا يكفى أن يتم سجنهم، ولو لعشرات السنين.. بل يجب حقنهم بجرعات من هذه السموم نفسها، حتى يعرفوا ـ ويدركوا ـ حجم ما يعانيه الشاب البرىء، الذى اندفع يتعاطى، حتى ولو كان هروباً من حاضر أليم سواء كان بطالة أو عجزاً مالياً.. أم لإغراءات رفقاء السوء.. إن العقاب يجب أن يكون من جنس العمل.. حتى لا نجد بعد ذلك أماً تنفذ حكم الإعدام فى ابنها، ولكن المؤكد أنها نالت من ولدها هذا الكثير من العذابات، هى وكل من حولها أقاربه، وأقاربها.. جيرانه وجيرانها. ولكن أى جبروت دفع هذه الأم الى ان تفعل ما فعلته.. وهى مصرة على فعله.. بدليل ما أعلنته ـ فى التحقيقات الأولية ـ انها مستعدة لارتكاب ما ارتكبته مرة أخرى، لو عاد ابنها الى الحياة.
<< وهل نحتاج هنا تشريعاً قانونياً يخفف العقوبة عن مثل هذه الأم وأنا أعلم أن فى مصر الآن أمهات ـ غيرها ـ يفكرن فيما فكرت فيه ونفذته أم المدمن التى خنقت ولدها بسلك الكهرباء فى حى المطرية، شرق القاهرة.
ويا حضرات القضاة.. ويا حضرات المستشارين: ياليتكم تحكمون على هذه الأم بالبراءة.. أو بأى عقوبة، مع إيقاف التنفيذ ليس لكى يكون ذلك عبرة لغيرها.. ولكن يكفيها أنها ملكت شجاعة اتخاذ القرار.. وشجاعة تنفيذه.