عبد الغفار شكر
ماذا تعرف عن المجلس القومى لحقوق الإنسان ؟
ازداد الجدل حول حالة حقوق الإنسان فى مصر فى السنتين الأخيرتين ويشارك فى هذا الجدل العديد من القوى السياسية والشخصيات العامة ومنظمات المجتمع المدنى فى مصر، كما تشارك فى هذا الجدل منظمات دولية ويبدو واضحا أن هذا الجدل سوف يستمر لفترة طويلة إلى أن تنجح مصر فى تأكيد مبدأ إنفاذ القانون على الجميع، حكاما ومحكومين ، مع احترام حقوق الإنسان.
ومن الواضح من المناقشات الدائرة أن الكثيرين لا تتوافر لهم معرفة كافية بالمبادئ العامة والأسس التى تحكم حركة حقوق الإنسان ، فهناك خلط واضح بين المنظمات الحقوقية والمجلس القومى لحقوق الإنسان ومن المهم إزالة هذا الخلط بتوضيح طبيعة المجلس القومى لحقوق الإنسان التى تميزه عن المنظمات العاملة فى هذا المجال وكذلك كيفية تشكيله واختصاصاته.
من أهم الحقائق التى يجب ان تكون معلومة للجميع عن المجلس القومى لحقوق الإنسان إنه مؤسسة تعمل وفق القرارات الصادرة من الأمم المتحدة سواء كان ذلك متمثلا فى قرارات صادرة عن الأمم المتحدة أو المؤتمرات العامة التى تعقدها حول هذا المجال وسوف أستند فى عرضى لهذا الموضوع إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر فى الجلسة العامة رقم 85 يوم 20 ديسمبر 1992 وكذلك المؤتمر العالمى لحقوق الإنسان فى فيينا. ومن المهم التأكيد على أن الأمم المتحدة تبنت تشجيع الدول على إنشاء مؤسسات وطنية لحقوق الإنسان تتمتع باختصاصات واضحة ويصدر بتأسيسها قانون يحدد كيفية تشكيلها واختصاصاتها وعلاقتها بالسلطات الأخرى وتشير دائما فى قراراتها إليها باسم المؤسسة الوطنية التى تشكلت فى مصر باسم المجلس القومى لحقوق الإنسان الذى تأسس طبقا للقانون رقم 94 لسنة 2003 مستوفيا كثيرا من المبادئ والأسس التى تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وطبقا للدستور فإن المجلس يجرى انتخابه من السلطة التشريعية متمثلة فى مجلس الشورى وبعد إلغائه انتقل هذا الاختصاص إلى مجلس النواب ولما كان التشكيل الحالى للمجلس القومى لحقوق الإنسان الذى يضم الرئيس ونائب الرئيس و25 عضوا سوف تنتهى مدته فى سبتمبر 2016 فإنه من حق مجلس النواب أن يترك للتشكيل الحالى إكمال مدته أو الشروع فى إعادة التشكيل خلال الشهور القادمة . وسوف أناقش المسائل المتعلقة بالمجلس القومى لحقوق الإنسان فى عدة مقالات مساهمة منى فى تعريف الرأى العام بهذا المجلس وعدم الخلط بينه وبين منظمات المجتمع المدنى وسوف اكتفى فى هذا المقال بإستعراض اهم اختصاصات ومسئوليات المجلس وكذلك كيفية تشكيله وضمانات استقلاله التى نصت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة تطبيقا لما يسمى بمبادئ باريس.
من اللافت للنظر ان الأمم المتحدة اهتمت بكيفية إنشاء المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ومنها المجلس القومى لحقوق الإنسان فى مصر بوجوب أن تنشأ المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بموجب نص دستورى أو تشريعى يتضمن التفاصيل الكافية لضمان ان تكون للمؤسسة الوطنية ولاية واضحة وتمتعها بالاستقلال وينبغى أن يحدد النص بوجه خاص دور المؤسسة ووظائفها وصلاحيتها وتمويلها وخطوط مساءلتها فضلا عن آلية تعيين أعضائها وتحديد مدة ولايتهم.
تضمن الاختصاصات والمسئوليات أن تختص المؤسسة الوطنية بتعزيز حقوق الإنسان ورعايتها ، وأن تكون للمؤسسة الوطنية ولاية واسعة قدر الإمكان ومنصوص عليها صراحة فى أحد النصوص الدستورية أو التشريعية التى تحدد تشكيلها ونطاق اختصاصاتها (التزمت مصر بذلك فى الدستور وفى قانون إنشاء المجلس) .
وتمارس المؤسسة الوطنية المسئوليات الآتية بصفة خاصة :
تقديم اقتراحات وتوصيات وتقارير ، على أساس استشارى ، إلى الحكومة أو البرلمان أو أى جهاز آخر مختص سواء بناء على طلب السلطات المعنية أو باستخدام حقها فى تناول الموضوع مباشرة دون إحالة من جهة أعلى فيما يتصل بتعزيز حقوق الإنسان ورعايتها مع حقها فى نشر هذه التوصيات والمقترحات.
دراسة التشريعات والنصوص الإدارية السارية ومشروعات القوانين ومقترحاتها لضمان اتساقها مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان .
رصد حالات انتهاك حقوق الإنسان ولفت انتباه الحكومة إليها وتقديم مقترحات لوضع حد لهذا الانتهاك.
إعداد تقارير عن الحالة الوطنية لحقوق الإنسان بوجه عام.
تعزيز وضمان المواءمة بين التشريع واللوائح والممارسات الوطنية وبين الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وتشجيع التصديق على هذه الاتفاقيات وكفالة تنفيذها. المساهمة فى إعداد التقارير التى ينبغى للدول أن تقدمها إلى هيئات ولجان الأمم المتحدة تنفيذا لالتزاماتها بموجب المعاهدات الموقعة عليها والتعاون مع الأمم المتحدة وجميع المؤسسات الأخرى فى منظومة الأمم المتحدة فى مجالات تعزيز وحماية حقوق الإنسان.
المساعدة فى إعداد البرامج المتعلقة بتدريس حقوق الإنسان والبحوث المتصلة بها والمشاركة فى تنفيذها.
أما بالنسبة للتشكيل وضمانات الاستقلال والتعددية فإن التشكيل يجب أن يصدر بقرار رسمى من السلطة التشريعية يحدد المدة المعينة لولايتهم وفقا لإجراءات تتيح التمثيل التعددى للقوى الاجتماعية حيث يتضمن ممثلين من الأديان المختلفة والتيارات الفكرية المتعددة والبرلمان والجامعات والخبراء المؤهلين والمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان والنقابات والمنظمات الاجتماعية والشخصيات البارزة يضاف إلى ذلك أن تملك المؤسسة الوطنية الهياكل الأساسية المناسبة لسير أنشطتها وبصفة خاصة الأموال الكافية لذلك والجهاز الوظيفى المؤهل للقيام بدور أساسى فى نشاط المجلس.