الوطن
محمد فتحى
مستشفى الوراق للأطفال.. إيدك معانا
يسأل «الإعلامى»: هو فيه كام مستشفى أطفال فى مصر؟

تستفسر وكيلة وزارة الصحة: اللى تبع الوزارة ولا اللى ف مصر كلها؟؟!!

ثم تأتى الإجابة المرعبة.. مصر كلها بجلالة قدرها على بعضها لا تكمل مستشفيات الأطفال فيها 10 مستشفيات سواء تلك التى تتبع وزارة الصحة (هما اتنين مفيش غيرهم) أو التى تتبع الجامعات، أو حتى تلك المستشفيات التى تتبع المجتمع المدنى!!!

الأمر لا يحتاج لمصمصة شفاه (هنجيب ريق منين لكل ده)، ولا لضرب كف بكف (هيهات)، ولا لصب اللعنات على الحاضر والماضى والمستقبل، الأمر يحتاج إلى «عمل» يشارك فيه «الجميع».

وكانت هذه هى البداية..

الأمر لم يكن «تدريبات» إحماء على كدبة أبريل. هذا الرجل الجالس أمامى أحد كبار ضباط الرقابة الإدارية، وهذه السيدة ممثلة لوزارة الصحة بتكليف رسمى من الوزير، وهذا الرجل طبيب ناجح أنشأ، بالتعاون مع المجتمع المدنى والشعب المصرى وزملائه، نموذجاً لمستشفى يتحدث الجميع عنه لدرجة تجعله مزاراً سياحياً لدى البعض، وهذا الجالس أمامى «إعلامى» يقدم برنامجاً شهيراً يتبنى المبادرات ويحاول أن يثبت أن كل شىء «ممكن»، ويتابع الأمر وعلى وجهه ابتسامة وبواقى دهشة العبد لله، قائماً «بدورين» أحدهما «الصحفى» الذى تقرأ الآن ما يكتبه، والآخر «مسئول عن إحدى مؤسسات المجتمع المدنى»، أما هؤلاء الشباب فهم خيرة «خبراء» العلوم الاستراتيجية والتسويق والعلاقات العامة والأطباء. كل هؤلاء يجلسون فى اجتماع كبير ليضعوا «النموذج» قيد التنفيذ.

نموذج يتحد فيه الجميع ليساعدوا «كل فى مجاله» فى صناعة «أمل» ليس بالكلام ولكن بالعمل.

■ البداية «تغيير العقيدة».. هذه هى الجملة التى يمكن أن تصف بها جهود «جهة سيادية» اسمها «الرقابة الإدارية»، هذه الهيئة التى تتسم بصورة ذهنية «مرعبة» عند البعض، تقرر -بفكر مختلف واحترافى- ألا يقتصر دورها على القبض على الفاسدين، بل «بتجفيف» بعض منابع هذا الفساد من خلال «دور» واضح تقوم به لتضبط العديد من المسارات. يقولون إن الوقاية خير من العلاج، ولذلك لا تبحث عن الفاسدين بعد فسادهم، بل ابحث عن سبب فسادهم وعالجه. ابحث عن سبب فساد المنظومة الصحية وابدأ فى محاربته. ابحث عن نموذج يزيل اللبس عن الجميع وقدّمه ليقوم الكل بدوره ويتحمل مسئوليته. تخرج الدراسة «العلمية» بأسباب تدهور المنظومة الصحية..

تذهب النتائج «مشكلات» تواجه «طريقة الإدارة» و«الإمكانات المتاحة» و«تأهيل الأطباء» و«منح هؤلاء الأطباء حقوقهم»..

يخرج السؤال: لماذا لا نقدم نموذجاً مختلفاً؟؟

هنا تتجه الأنظار للإدارة..

■ بروتوكول:

وزير الصحة الذى لم يخرج من الوزارة بسبب مظاهرات الأطباء يبدو أن بقاءه كان قراراً حكيماً، لأنه يتسم بمرونة وتفكير خارج الصندوق جعله يوقع بروتوكولاً للتعاون مع جمعية المبادرة القومية ضد السرطان التى تدير مستشفى 57357، الأنجح فى الإدارة على مستوى الشرق الأوسط، والتى يعد جزءاً من أنشطتها (الجمعية لا المستشفى) إدارة المستشفيات.

أحد الأهداف من البروتوكول إدارة مستشفى اسمه «الوراق» وتخصيصه للأطفال، ليخدم «أطفال مصر» بنموذج إدارة «احترافى» يقدم خدمة «مجانية» ■ الأمل:

تأهيل حقيقى للأطباء. أجهزة حديثة. إدارة احترافية. منشآت قائمة بالفعل يعاد تطويرها للاستفادة منها، الأمل فى «نماذج» متجددة لمستشفيات تقدم «خدمة» صحية لائقة تتسم برعاية فائقة للمريض بشكل مجانى تحت مظلة تأمين صحى كاملة تخدم فئات الشعب المختلفة.

الأمل فى «دعم» مستشفيات أخرى قائمة بالفعل مثل «57357»، و«مجدى يعقوب» الذى أحدث طفرة فى أسوان، وشفاء الأورمان فى الأقصر الذى يحتاج إلى أجهزة، ومشروعات مستشفيات الحروق والسرطان الأخرى، وكلها جهود من المجتمع المدنى، لكن سيكون من الأجمل والأفضل أن تكبر هذه الجهود لنرى وزارة الصحة تتعاون مع وزارة التربية والتعليم ومؤسسة مثل مصر الخير لبناء مجموعة مدارس بمعايير عالمية، أو مستشفيات للطلبة، وسيكون محترماً أن يشارك رجال أعمال وطنيون فى هذا الجهد، وسيكون من المخجل ألا يشارك الإعلام فى دعم مثل هذه الجهود بكل ما أوتى من قوة.

■ كلام الناس

بالتأكيد أسمع من يقول: «واحنا هنقضيها كده.. هو احنا هنشحت من بعض والدولة غائبة؟؟».

والحقيقة أن هذه ليست «شحاتة»، كما أن الدولة يجب ألا تكتفى بالأمر. هذا نموذج، والدولة يجب أن تطبق هذا النموذج فى مجالات أخرى، كما أن هذا «السيستيم» يفرض على الدولة التخطيط للقيام بنفس الأمر دون «معاونة» من أحد.

هذه ليست شحاتة بل «مسئولية» يتحملها الجميع، فإن لم تتحملها معهم فلا تهدم ما يبنونه لمجرد أنك تحب التنظير. رفضك لإنقاذ الغريق لأنك تلعن «المنقذين» الذين انشغلوا عن الأمر و«تناقش» احتياطات الأمن سيؤدى بالسباح للغرق. أنقذه أولاً ثم ضع النظام الذى تريده.

يقول آخر: «هو احنا هنخصخص المستشفيات بعد شوية؟؟».

والرد باختصار: أين الخصخصة؟؟ الخصخصة «تسلم» المؤسسات الحكومية للقطاع الخاص الذى يبتغى ربحاً. أما فى هذه الحالة فالدولة «تشارك» الجميع لتقديم «خدمة» بشكل «مجانى» يحظى بـ«رقابة» من جهة سيادية منعاً لأى فساد.

أما الثالث الذى قد يقول: إشمعنى دول؟؟

فيجب الرد عليه فوراً: إيدك معانا.. هذه حالة بناء. مدّ يدك. شارك فى مسار آخر. انضم لهؤلاء وفكّر معهم. ادعمهم أو تعال وراقبهم وسيرحبون، لكن أرجوك لا تفسد جهداً «ما صدقنا» أنه حدث، لأن الإنجاز الأكبر ليس فى مجرد إنشاء المستشفى، لكن فى أن كل هؤلاء (أخييييييييييراً) بدأوا يجلسون على مائدة واحدة ويسمع بعضهم البعض ويعملون (إيد واحدة)..

أنا أدعم مستشفى الوراق للأطفال، وكل الجهود الشبيهة، وأنت أيضاً.. أليس كذلك؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف