البديل
أحمد بان
الحكومة وبيانها وبرلمانها
نعم نستطيع.. لم يفلح شعار الحكومة (المسروق من شعار حملة أوباما)، فى إخفاء حقيقة أن الحكومة المصرية سرقت هيكل ولغة ومضامين بيانات الحكومات السابقة قبل يناير، إلى حد أنها لم تشغل نفسها بطرح أرقام أو إحصاءات أو جداول زمنية لتحقيق ما وعدت به، ربما ما كشف عنه أيضا تصفيق رئيس البرلمان لرئيس الحكومة فور فراغه من تلاوة بيان الحكومة، أن الحكومة امتلكت البرلمان حتى أضحى ذراعا لها تصفق لخطواته، أو ربما نجاحه فى نطق العربية التي لا زال البرلمان يتعثر فى نطقها.

شكل البرلمان لجنة لدراسة بيان الحكومة وإعداد الرد عليه، التي ضمت خمسين عضوا، ثمانية وعشرون منهم
نواب ينتمون لائتلاف دعم مصر، الظهير غير المعلن للحكومة فى البرلمان، إضافة إلى ستة من النواب المعينين، بما يعني أنه بصرف النظر عن مضمون البيان، فسيتم الموافقة عليه، ومن ثم تجديد الثقة فى الحكومة التى لم تقدم فى بيانها أى شىء يستدعى الموافقة عليه أو تجديد الثقة
بها، بيان إنشائى يجتر نفس اللغة الخشبية التى درجت عليها حكومات مبارك، التى كانت تعلم مسبقا أن البرلمان برلمانها الذى صنعته على عينها، وبالتالى لن يرفع عينه فى وجه الحكومة فقد نسى منذ عقود أن القواعد تقول إن البرلمان يراقب الحكومة ويشرع القوانين.

هكذا جرت سنة الحكم فى بلادنا أن يبقى البرلمان تابعا للحكومة يخشى بأسها، وقد يعطل وزراؤها ومحافظوها التأشيرات والامتيازات التى تحفظ لهم مقاعدهم آمنة من كيد القضاء، أو كيد الأجهزة أو حتى كيد البرلمان الذى هو سيد قراره.

وقر فى صدور النواب والحكومة أنهم يتعاونون على تمثيل مشاهد تبدو طبيعية لدولة بها برلمان وحكومة تعرض بياناتها طالبة الموافقة عليها وتجديد الثقة، نوابا عن الشعب يوقعون على إفساد حاضره وإجهاض مستقبله، عبر بيانات من هذا النوع الذى تجاهل القضايا الرئيسة، وخلت نصوصه من أى فلسفة أو جداول زمنية أو أرقام أو إحصاءات عن المشكلات الرئيسة وكيفية مواجهتها، لم يتحدث البيان عن خطر إرهاب موازٍ للإرهاب الذي يلتحف بالدين وهو إرهاب مجموعات البلطجة، التي قوامها فى مصر وفقا لإحصاءات سمعتها من مساعد سابق لوزير الداخلية فى برنامج تليفزيوني، ولم يكذب أحد تصريحه، الذي أكد فيه أن مصر تضم 750 ألف مسجل خطر تبدو علامات حضورهم فى الأمن الجنائي واضحة تماما.

من سُنة كل الحكومات السابقة أن يأتى أمن الناس فى ذيل القائمة، لم يتحدث البيان عن هؤلاء فى إطار الحديث عن ظاهرة أمناء الشرطة وتجاوزاتهم التي لن تنسينا تضحيات بعض الشرفاء من أبنائها، لكنها بحق تحتاج إلى إعادة نظر تأخرت كثيرا، وكانت ولا تزال على قائمة مطالب ثورة يناير المهدورة.

لم تقل لنا الحكومة شيئا عن ارتفاع الأسعار الجنوني، ولا التضخم وانهيار قيمة الجنيه الذي التهم ما يقرب من ثلث قيمته الشرائية، لم تعدنا الحكومة سوى بالمزيد من ارتفاع الأسعار والضرائب والتلويح بالدعم المالي الذي سيلتهمه غول التضخم، لم تتحدث عن انهيار هيكل الإنتاج السلعي والخدمي فى مصر، ولا الانهيار الحاصل فى الاقتصاد الذي حملت لثورة فيه كل الوزر، لم تحدثنا الحكومة وقد تقدم بيانها الحديث عن الأمن القومي، ماذا ستفعل فى قضية سد النهضة غير تغيير وزير الري، أو كيف ستعزز الديمقراطية هل بالمزيد من الإجراءات الأمنية والقمعية؟.

تجاهلت الحكومة نسب إنفاق حددتها نصوص الدستور فى التعليم والصحة، من قال إن الدستور كتب ليتقيد به أحد يبدو أنه لم يكتب سوى لتمرير وضع معين وخلق أوضاع جديدة تكرس معادلات ماقبل يناير، هل كان الدستور هو الآخر خدعة؟، أعتقد أن هذا البيان بما تضمنه وبطريقة التعامل معه من قبل البرلمان، الذي سينتهي إلى إقرار البيان والموافقة عليه وتجديد الثقة في الحكومة، بعد مشهد تمثيلي عبثي متوقع لسنا بحاجة للتعرف على اسم مخرجه فى جلسة سيحاول البعض جعلها مثيرة، هذا لايعني فى حال حدوثه سوى أن هذا البرلمان سقطت شرعيته كممثل للشعب ومدافع عن مصالحه، وبالتالي تصبح الحكومة وبرلمانها عبأ على الحاضر والمستقبل يجب التخلص منه اليوم قبل الغد
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف