المساء
محى السمرى
ناس وناس -المجتمعات العمرانية.. هيئة مدنية أم تجارية؟
أعلنت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة عن طرح أكثر من 21 ألف قطعة أرض سكنية كمرحلة أولي.. وقسمت هذه الأراضي إلي ثلاث درجات.. الأولي للإسكان الاجتماعي.. أي اسكان متواضع أو بسيط وبدون أي تمييز.. ومقدم الحجز 25 ألف جنيه.. علي أن يتم استكمال باقي المقدم إلي 25% « نسب أخري لصالح صندوق تمويل هذا النوع من المساكن علي أن يسدد باقي الثمن وقدره 75% علي ثلاثة أقساط متساوية.
أما النوع الثاني من الأراضي فهي خاصة بالإسكان المتميز ويتم تسديد مقدم الحجز وقدره مائة ألف جنيه وأيضا يسدد المقدم ليصل إلي 25% من اجمالي ثمن قطعة الأرض بالإضافة إلي رسوم أخري كمصاريف وتمويل صناديق وغيره.
وهناك أراض أخري وصفتها الهيئة بأنها أكثر تميزا وهذا النوع من الأراضي يلزمه سداد مقدم حجز قدره 250 ألف جنيه لمدينتي العبور و15 مايو أما باقي المدن وهي 6 أكتوبر ودمياط الجديدة والشروق والشيخ زايد والقاهرة الجديدة فإن مقدم الحجز يصل إلي 350 ألف جنيه علي أن يستكمل هذا المقدم إلي أعلي نسبة.. طبعا مفروض أن يكون أكثر من 25% علي أن يتم سداد باقي القيمة علي ثلاث سنوات.
وطرحت الهيئة مجموعة أخري من المساكن الجاهزة في المدن الجديدة تحت اسم ¢دار مصر¢.. وجاء في موقع بنك التعمير ان يشترط لكل ذلك سواء بالنسبة للأراضي أو المساكن أن تيم عملية التخصيص بنظام القرعة العلنية اليدوية.. حتي تعطي أهمية وندرة لما تعرضه سواء بالنسبة للأراضي أو المساكن حتي يسود اعتقاد بأن من ¢فاته الشراء سيخسر خسارة جسيمة¢.. ولهذا فقد تضمنت الاعلانات عبارات فخيمة مثل البيع للشخص الطبيعي وان يكون عمره كذا سنة.. ولم يخصص له أي وحدة أو أرض في أي مدينة تابعة للهيئة.
والغريب أن الهيئة وضعت مثلا لمساكن دار مصر أسعارا غريبة وبصراحة مرتفعة للغاية ولا تتناسب أبدا مع الوضع الجغرافي لهذه الوحدات وخاصة أنها في الظهير الصحراوي للمحافظات.. أي أنها مناطق صحراوية أو شبه صحراوية فعلي سبيل المثال مرة أخري فإن سعر متر المساكن للشقة مائة متر في القاهرة الجديدة يصل إلي 4100 جنيه بعد أن كانت بدايته 3900 جنيه.. والشقة 150 مترا يبلغ سعر المتر فيها 4250 جنيها ثم يضاف إلي هذه الأرقام 2% كرسم اضافي للأدوار المتميزة و5% لاغراض الصيانة.. وغيرها.
بعد هذا السرد لواقع ما تقدمه هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة فإن أسلوب البيع.. يقوم -في رأيي- علي أن راغب الشراء هو رجل ثري يدفع في شقة متواضعة صغيرة نسبيا مبلغ يصل إلي نصف مليون جنيه وتقول الهيئة أن هناك أساليب للبيع منها أن يدفع المشتري 25% ثم سداد الباقي بدون فوائد علي خمس سنوات أو الاستفادة من مبادرة البنك المركزي بتقسيط المبالغ الباقية بفائدة 8%.. أو أقل قليلا.
وفي جميع الأحوال أتساءل لمن هذه المساكن..؟ هل هي لشباب حديثي التخرج؟ وكل منهم يرغب في الزواج وتكوين أسرة؟ أو هي موجهة!! العاملين في البلاد العربية؟ أو إلي شعب آخر غير المصريين!! وإلا كيف يمكن تفسير أنه يقسط من يشتري الشقة المتواضعة والتي وصل سعرها إلي نحو نصف مليون جنيه دفع منها 25 ألف جنيه والباقي يسدد علي 5 سنوات أي بواقع نحو 90 ألف جنيه سنويا.. أما إذا اضيفت الفائدة بنظام المبادرة فلنا أن نتخيل كم يبلغ القسط الشهري.. وكيف يمكن لشاب أو حتي غير شاب أن يدفع مثل هذا القسط..؟ وبالمناسبة فإن اسعار شقق باقي المدن لا تقل كثيرا عن شقق القاهرة الجديدة.
وإذا كانت أسعار الأراضي والمساكن التي تقدمها هيئة المجتمعات بمثل هذه الأسعار ومواقعها كما هو معروف في المناطق النائية في المحافظات فكم يا تري ستبيع المتر في قلب المدن القديمة أو في أحيائها المميزة بالفعل..؟ وإذا كانت هذه الهيئة تبيع بمثل هذه الأسعار وهذه الاشتراطات فلا عجب إذن أن نجد الأسعار التي يحددها الملاك كما هو حادث الآن.. وطبعا فإن تحديد سعر متر المساكن الفاخرة بسبعة آلاف جنيه يعتبر سعرا رخيصا.. والقياس مع الفارق.
ولي هنا تساؤل.. ما هو دور الهيئة بالضبط؟ هل هي هيئة خدمات أو هيئة تجارية لا تهدف إلا للربح.؟
ثم إذا كانت كل ما تقدمه من مشروعات عمرانية تقع في الحيز الكامل لكل محافظة من المحافظات إذن فإن دورها في هذه الحالة هو دور مقاول يبني ويسلم ما يبنيه إلي المحافظة أو المالك.. ويقينا فإن المحافظة أدري من الهيئة بحاجتها من المساكن وأدري أيضا بالمواقع التي يمكن أن تقيم عليها المشروعات السكنية والمعمارية وكذلك فإن كل محافظة لديها امكانيات لمعرفة من هو المحتاج الحقيقي للسكن!! فلا تترك شقة أو عمارة خالية.
بصراحة يبدو أن الهيئة لا هدف لها إلا تغذية موارد الدولة للحصول علي التمويل اللازم لإنشاء المساكن والقضاء علي العشوائيات.. وقد يكون معها حق في ذلك ولكن ليس بهذه الصورة المغالي فيها والتي يعجز عنها الشباب والطبقة المتوسطة.
لو أن الهيئة فتحت باب الحصول علي السكن أو الأرض علي مصراعيه بدون قرعة أو مزايدة ووضعت شروطا سهلة وأسعاراً بدون مغالاة فيها لأمكن حل مشكلة الاسكان.. وأيضا اتاحة الفرصة لمن يريد الزواج أن يتزوج.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف