محمد جبريل
من المحرر- أزمة اتحاد الكُتاب
قبل أن تبدأ انتخابات التجديد النصفي لاتحاد الكتاب في عام 2001. أذكر اني كتبت مقالاً في نشرة الاتحاد. قسمت فيه من يتقدمون لعضوية مجلس الإدارة إلي ثلاث فئات: من تعنيهم خدمة الجماعة. ومن يسعون إلي المظهرية. ومن تشغلهم السبوبة. والنوع الأخير هو أحرص الجميع دوماً علي الزعيق ورفع الشعارات التي يدرك جيداً انها مجرد وسيلة لتحقيق أطماعه!
أصارحك اني أشفقت من سيطرة أصحاب هذا الاتجاه منذ جلسة ما بعد الانتخابات. طوقتني الجمعية العمومية بما أسعدني. حتي انها اختارت حوالي العشرة من أسماء القائمة التي زكيتها. لكن الغواية تدخلت بما لم أقدره. وآثرت الابتعاد ـــ حفاظاً للنفس ـــ عن كل نشاط نقابي. وإن تابعت ـــ بأسف ـــ إلغاء مجلس الإدارة للعديد من القرارات التي اتخذت لصالح أعضاء الجمعية العمومية. ومنها اقتصار الترشيح لجوائز الدولة التقديرية علي الأعضاء من خارج مجلس الدولة. والعلاج بنصف الأجر ـــ وبالمجان أحياناً ـــ لدي عدد من كبار الأطباء. واستمرار نشاط نادي السينما. ودعم موقع الاتحاد علي الإنترنت.
توجيه اتهام علي اية صورة ليس سهلاً. وبخاصة إذا نال رذاذه حملة أقلام وزملاء مهنة. ما أستطيع أن أتحدث عنه تعاظم دور الباحثين عن الوجاهة والمظهرية. أشفق من حرصهم علي الزعامة. ولو علي حساب كيان الاتحاد نفسه. نقرأ في الصحف عن المؤامرات والدسائس والمناقشات الساخنة والشتائم المتبادلة أحياناً.
أقف خارج الحلبة. ووعدت نفسي ألا أكون في داخلها. لكن الاتحاد مسئولية كل أعضائه. بل كل المثقفين حتي الذين آثروا الابتعاد عن أجواء المزايدات والدسائس. وعن القيادات التي تمارس وجوداً شخصياً دون وجود أدبي حقيقي. من واقع هذه المسئولية وحدها. أتجه إلي الجمعية العمومية بأن تراجع ـــ ولو في جلسة طارئة ـــ كل التصرفات غير المسئولة التي أساءت إلي المعني الجميل المسمي اتحاد كتاب مصر.
ينبغي أن يكون اتحاد الكتاب هو التعبير عن الكتاب المصريين. وما يدعون اليه من قيم الحرية والديمقراطية والاستنارة. فضلاً عن انشغاله بواقع ومستقبل مجموع الأدباء في بلادنا. فلا تتحول المشكلات التي قد يعانيها الاتحاد. أو القضايا التي يطرحها للمناقشة إلي سير فوق حقل ألغام.
ولعل الثغرة الأهم في قانون اتحاد الكتاب هي الوسيلة التي تجري بها انتخابات النقيب. قد تعطيه الجمعية العمومية ثقتها المطلقة. لكن الذين تشكل من بعضهم مجلس الإدارة بقوائم التربيطات والأيمانات المغلظة. يفرضون ما يتفق مع أهوائهم ومصالحهم دون اعتبار لإرادة الجمعية العمومية.
إذا حصلت الجمعية العمومية للاتحاد علي حقها في انتخاب الرئيس. فإن ظاهرة القوائم ستختفي بالتالي. لن يدخل مجلس الإدارة الصالح والطالح. من يستحق ومن يؤذي الاتحاد أن يمر من أمام مبناه في الظروف العادية. أو يمثل وجوده في عضوية مجلس الإدارة خطأ ينبغي تداركه!
اتحاد الكتاب هو بيت مجموع الكتاب. سواء كانوا أعضاء في مجلس الإدارة. أو في جمعيته العمومية. أو حتي الذين لم يحاولوا التقدم لعضويته. نسبة الخصم التي تستقطع من أجورهم تهبهم الحق في الملاحظة والمناقشة وإبداء الرأي. ورفض النظر إلي مجلس إدارة الاتحاد باعتباره فوق المساءلة.
محاولة المشاركة في التخلص من السلبيات. وتطوير الإيجابيات. يجب أن توضع في إطارها الصحيح. وهو الديمقراطية بما تتضمنه من تقويم التجربة. وحرية الرأي. وممارسة الحق في النقد.