المساء
مؤمن الهباء
شهادة -حتي لا يسير في الاتجاه المعاّس!!
يتلهف أبناء الأقاليم. وأنا منهم. إلي كل كلمة تنشر عن مشروع التأمين الصحي الشامل الذي تعده الحكومة.. لأنه سيكون المنقذ من معاناة يومية لا يعرف قسوتها إلا الله.. فهذا المشروع لو طبق فسوف يحفظ لأهلنا كرامتهم وآدميتهم.. ويعفيهم ويعفينا من الطلبات المتزايدة للعلاج علي نفقة الدولة.. واللف والدوران علي المستشفيات والعيادات بجهود مضنية.. تصيب مرة وتخيب مرات.
لذلك كان طبيعياً أن أتوقف عند التصريحات المتفائلة التي أطلقها د.أحمد عماد الدين وزير الصحة ونشرتها "الأخبار" يوم الاثنين الماضي تحت عنوان "تطبيق التأمين الصحي الشامل.. قريباً".. ومع أن "قريبا" هذه مطاطة وغير محددة إلا أن مجرد التعرض للموضوع وذكره أفضل من نسيانه.
يقول الوزير: سيتم قريباً البدء في تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل علي كل المواطنين والتغطية المالية خاصة لغير القادرين.. كما سيتم تطوير النظام الصحي والخدمات الصحية بالمستشفيات الموجودة حالياً.. واستكمال بناء وتشغيل 135 مستشفي كان متوقفاً.
هذا كلام جميل ومبشر.. وأفلح الوزير ــ فعلاً ــ إن صدق ونفذ هذا الوعد.. ولو لم يفعل غيره لكفاه.. لكن المشكلة أن الموضوع محاط بأسلاك شائكة.. وميزانية الدولة المعلنة للكافة "863 مليار جنيه" مشكوك في قدرتها علي الوفاء بهذا الالتزام.. حيث يذهب 700 مليار جنيه للديون وفوائدها والدعم والأجور.. ولا يتبقي غير 163 مليار جنيه للاستثمارات والمشروعات الجديدة في كل المجالات: التعليم والصحة والصرف الصحي والطرق ومياه الشرب وغير ذلك كثير.. فمن أين سيتم تدبير غطاء التمويل لمشروع التأمين الصحي الشامل؟!
في عدد الأحد الماضي نشرت "المصري اليوم" تقريراً بعنوان "نقابة الأطباء تحذر من خصخصة الخدمة الصحية" وخصخصة المستشفيات الحكومية.. ونقلت عن الدكتورة مني مينا وكيل نقابة الأطباء مطالبتها بضرورة النص في قانون التأمين الصحي الجديد علي ضم المستشفيات الحكومية كلها إلي هيئة تقديم الخدمة الصحية مع التزام الدولة برفع كفاءتها ومتابعة استمرار قدرتها علي تقديم الخدمة ذات الجودة.. مع عدم السماح للقطاع الخاص بالمشاركة في ملكيتها أو إدارتها.. وضرورة النص علي مشاركة ممثلين من المجتمع المدني والنقابات المهنية والعمالية في تشكيل هيئة الجودة والاعتماد .. بجانب عدم الاعتماد علي المساهمات كأحد مصادر تمويل الخدمة والاكتفاء بمبلغ رمزي لمنع سوء استخدام خدمات التأمين الصحي.. والنص علي تعريف واضح لغير القادر بأنه "كل من يصل إجمالي دخله إلي أقل من الحد الأدني للأجور".. والنص بوضوح علي حقوق مقدمي الخدمة وضمان تحسين نظم الأجور لهم.
قالت د.مني مينا إن مسودة القانون الموجودة حالياً أفضل نسبياً من السابقة لما تضمنته من بنود إيجابية إلا أنه مازالت هناك عدة عيوب جوهرية تمثل بداية لطريق "خصخصة الخدمة الصحية".. ومنها استمرار تقديم الخدمة عن طريق التعاقد مع جهات تقديمها دون أن يذكر المشروع وضع المستشفيات الحكومية التي قد يتم استبعادها من سجلات مقدمي الخدمة.. كما أن الالتزام المذكور في المادة "7" بأن ترفع الدولة جودة وكفاءة المنشآت الصحية التابعة لها تدريجياً قبل البدء في تطبيق النظام يبدو كالتزام منقوص تلتزم به الدولة مرة واحدة قبل بدء تطبيق القانون.. لكنه ليس التزاماً دائماً بالحفاظ علي مستوي الجودة والكفاءة ومحاسبة من يخل بهذا المستوي. وتذليل أي مشاكل قد تؤدي للإخلال به.
لا شك أن تصريح الوزير المتفائل شيء جميل.. لكن الأجمل منه تلك الملاحظات والتخوفات التي تطرحها نقابة الأطباء.. وهي جديرة بالنظر والحوار حولها.. لضمان عدم فشل مشروع التأمين الصحي.. أو انحرافه عن هدفه.. يسير في الطريق المعاكس.. ويكون مضمونه غير مظهره عند التطبيق.. فكم شربنا مقالب من هذا النوع.. قالوا لنا قانون الضرائب الجديد سيزيد دخلك ويحسن وضعك.. ثم اكتشفنا عند التطبيق أنه يقسم ظهورنا.
لماذا لا تضم د.مني مينا إلي اللجنة الحكومية لوضع مشروع قانون التأمين الصحي مادامت النيات حسنة؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف