عندما ذهب رئيس وزراء مصر الأسبق أحمد نظيف لزيارة الصعيد، كان من ضمن البرنامج زيارة إحدى المدارس الحكومية فى أسيوط، وطبعا كان اطفال هذه المدرسة فقراء جدا لدرجة أن بعضهم يذهبون لمدرستهم حفاة الأقدام، فما كان من المحافظ إلا أن أعطى إجازة لتلاميذ المدرسة الفعليين وأحضر بدلا منهم طلبة إحدى المدارس الخاصة، واستعار 50 جهاز كمبيوتر من المحافظة والمدارس الخاصة ووضعها فى المدرسة الحكومية، وعندما شاهد رئيس الوزراء هذا المنظر الرائع للطلبة والمستوى البديع فى اللغة والكمبيوتر، انبهر وقال إن مستوى التعليم فى الصعيد متقدم جدا، وانه طبيعى فى ظل هذا المستوى التعليمى والانضباط لابد أن يكون أوائل الثانوية العامة من الصعيد والمحافظات البعيدة!!!
وبالطبع بعد رحيل رئيس الوزراء وعلى طريقة زفة التشريفة، عاد طلبة اللغات لمدارسهم والطلبة الفقريين أيضا لمدرستهم، واحتفظ السيد المحافظ بموقعه الذى كان مهددا بالطيران لولا زفة التشريفة.. أقصد تلاميذ مدارس اللغات!!
تذكرت هذه القصة التى رواها أحد أبناء أسيوط وهو رجل أعمال ومؤسس جمعية أهلية خلال لقاء والدكتورة سحر نصر وزيرة التعاون الدولي، أثناء ورشة عمل لإشراك المجتمع المدنى كمراقب للمشروعات الممولة من الوزارة ولهذا حديث آخر معنا، المهم تذكرى هذه القصة كان لحظة مشاهدتى لإغلاق مدرسة منية الحيط الثانوية المشتركة بالفيوم بعدما غرقت فى مياه الصرف الصحي، وكيف أن جميع المناشدات والاستغاثات التى أرسلها الأهالى والمدرسون فى المدرسة للحى والمحافظ ضاعت هباء، وتركت المدرسة يوما تلو الآخر حتى غرقت فى مياه المجارى وأصبح دخول الطلبة فيها مستحيلا، ومرت الأيام والحال كما هو وحوائط المدرسة تنهار جزءا جزءا، وطبعا لأنه من رابع المستحيلات ذهاب السيد المحافظ للمدرسة وهى بهذا الوضع الذى لا ينفع فيه زفة التشريفة ولا حتى ورد التشريفة الذى يؤجر بالساعة.. صدر الأمر بذهاب لجنة من الحى والأبنية التعليمية لزيارة المدرسة ورفع تقرير بحالتها وحالة مواسير المجارى اللى ضربت، ثم تشكيل لجنة أخرى لوضع تصور لعلاج المشكلة، ثم لجنة تالتة لاختيار المقاول المنفذ.
وإلى حين تشكيل هذه اللجان يظل الطلبة فى منازلهم، ولو ربنا سهل والجو بقى كويس والشمس طلعت يمكن المشكلة تتحل ويعود الطلبة للمدرسة لحين الانتهاء من تشكيل اللجان!
حكاية رئيس الوزراء الأسبق فى مدارس أسيوط كانت فى 2010، وحكاية مدرسة منية الحيط بالفيوم كانت فى مارس 2016، ممكن حد يقولى إيه الفرق بين مصر 2010 ومصر 2016.. لك الله مصر!!